يعتقد الكثير من الناس إن الابداع يبدأ في المراحل الأولى من العمر مما يؤدي إلى احباط الكثير ومنعهم من الحلم بتحقيق الطموحات ان شيوع هذا الاعتقاد خطير جداً ويعتبر مسؤولاً عن هدر الكثير من الطاقات الفردية والجماعية ولا ننكر دور الموهبة الفطرية في الابداع. ولكن هناك عاملين يرتبطان بالابداع هما الحماس والخبرة فالحماس يبدأ في السنوات الأولى للشباب ويخفت مع تقدم العمر أما الخبرة فتتكون بشكل تراكمي مع تقدم السن. فالابداع يتضمن التفكير في الدافعية والحماس لتحقيق الأهداف وايماناً عميقاً بجدواها العملية كما يتميز المبدعون غالباً برهافة الحس والقدرة على الإدراك العميق لكل ما يدور من حولهم. كما أن الحقائق العلمية تؤكد ان احتمال ظهور المواهب في سن متأخرة لا يقل عن ظهورها في سن الطفولة بل إن الكثير يعود بالابداع إلى التدريب والتعليم فالابداع قابل للانشاء والبناء في حال توفر الظروف الملائمة والرغبة الكافية والابداع يمكن أن يتم تطويره إذ إن الأنظار تتجه إلى تكوين الاستعداد بدلاً من الكشف عنه كما إن الاهتمام بدور البيئة والتربية لا يعني تجاهل دور الموروثات على الاطلاق. إذ تؤكد الدراسات وجود كثير من حالات الابداع في سن مبكر وقبل ظهور أي تأثير للبيئة ولم يثبت حتى الآن وجود جينات وراثية مسؤولة عن كل استعداد فطري يمكن اكتشافه كما إن العملية التربوية الجيدة قادرة على كشف الاستعداد الخاص لدى الأطفال وتستطيع تكوينه في حال وجود الرغبة النفسية كما ان القول بان الجمع بين العوامل الفطرية والرغبة النفسية المزاجية والظروف التربوية والاجتماعية السليمة يؤدي إلى انجاز شديد على أعلى المستويات. كما ان الابداع لا يشترط ذكاء تزيد درجته على 130 درجة لان زيادة نسبة الذكاء عن هذا الحد قد تؤدي إلى قلة المرونة في تقبل الآراء المخالفة والتمسك بالقناعات الخاصة وهذا لا يتفق مع أهم شروط الابداع والذي يحتاج إلى قابلية كبيرة للتغيير والتبديل والتفكير بحلول جديدة تتنافى مع ما هو مألوف حتى لو كان مناقضاً احياناً لقناعات المبدع مادام الحل يعطي اجابة وافية إلى جانب ان الكثير من العباقرة المتميزين الذين يتفوقون على الآخرين شهرة وابداعاً كان ذكاؤهم بين 100 إلى 130 درجة أي أقل من العباقرة الذين يقتربون إلى 165 درجة مما يؤكد ان الابداع ليس في أعلى درجات الذكاء.