ضربت الأزمة المالية العالمية الحالية بجذورها في أرجاء العالم أجمع مما أدى الى تفشي البطالة في كل أنحاء العالم، وأصبحت تمثل الوجه الانساني المؤلم، بل انها كارثة كبرى اقتحمت كل بيت حول العالم. لذلك باتت البطالة المشكلة الأكبر التي تؤرق الدول غنيها وفقيرها على حد سواء، والتي دخلت نفقاً مظلماً بعد أن وجدت الشركات وكذلك المصانع العاملة حول العالم نفسها مضطرة الى الاعلان عن استغناءات ضخمة للعمالة تقدر بمئات الألوف. هل ستكون البطالة أخطر قنابل الازمة المالية العالمية الحالية؟ والى أي مدى يمكن أن تصل؟ وما هي الحلول المقترحة للتخفيف من تأثيراتها السلبية على المجتمعات حول العالم؟. والحقيقة الواجب ايضاحها في سياق السؤال السابق هو : ان تأثير الازمة الاقتصادية والمالية العالمية ادى الى تفشي البطالة بل وسجلت انتشاراً أسرع في بلدان العالم حيث تعاني اليد العاملة من ظروف عمل غير مستقرة، مما يزيد من حدة التفاوت الاقتصادي مضراً بالموظفين الشباب والعمال المتقدمين في السن او المؤقتين. فالدراسات الاقتصادية الدولية سجلت حقيقة خطيرة حيث ذكرت أن سوق العمل اصابها انتكاسة مفاجئة عندما تراجعت نسبة البطالة في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عام 2007م الى 5.6% وهي ادنى نسبة تسجل في هذه المنطقة منذ 1980م. لذلك حذر مكتب العمل الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من أن البطالة قد تطاول ما بين (20) و(25) شخصاً اضافياً في العالم بحلول عام (2010م) ما سيدفع عدد العاطلين عن العمل في نهاية عام (2009) الى مستوى قياسي قدره (210) ملايين شخص. فمثلاً خسر العديد من الموظفين عملهم منذ نهاية عام (2007) في أمريكا وايرلندا واسبانيا، وهي دول شهدت ازدهار السوق العقارية مفيدة من حركة اقتراض، واتسعت البطالة بعدها لتطاول عام (2008) معظم الاقتصادات الكبرى في العالم ووصلت الى ألمانيا منذ ديسمبر الماضي. اما في عالمنا العربي فقد أكدت منظمة العمل العربية في أحدث تقاريرها أن نسبة البطالة في العالم العربي هي الأسوأ بين دول العالم خاصة وقد تخطت حاجز ال (14%) بما يقدر ب (17) مليون عاطل عربي رُبعهم في سن الشباب، وتصل النسبة في بعض الدول الى (66%) والمفارقة التي اكدها التقرير هي استضافة الدول العربية ل (12) مليون عامل من دول اجنبية، ومن المؤكد أن وجود تلك النسبة الكبيرة من العاملين الاجانب يعود الى النقص الشديد في امكانيات الشباب والعمال العرب في الجوانب التعليمية والخبرة المهنية والتكنولوجيا الحديثة، وهو ما اكده انخفاض معدلات البطالة بين الأميين في عدة دول عربية، وارتفاعها بين المتعلمين، بالاضافة الى عدم وجود تكامل بين انظمة التعليم وحاجة اسواق العمل مع عدم وجود التعاون الكامل بين الدول العربية في تناول الكفاءات المهنية في مختلف المجالات. اما فيما يتعلق بالبطالة في المملكة فهي تتمركز وتتمدد بين الشباب، وهنا اود ان اقول بكل صراحة تامة إن مجابهة البطالة بين الشباب تتم بالكفاءة وحدها فالمسألة الشبابية في بلادنا لا تعنى الشباب وحدهم، وانما تعني المجتمع بكل قطاعاته وخاصة القطاع الخاص. والسؤال الكبير عن ذلك يستدعي إجابة كبيرة تشفى وتحرك، وهذا لا يعني ان تكون الاجابة منظومة تشبه المنظومات الفلسفية، فلابد من معايشة المشكلات بجزئياتها ودقائقها ورقائق الفكرة الواحدة. وبصراحة أشد أقول انه ليست العبرة بشباب ذي قيمة، وانما العبرة بما يمكن ان يقدمه الشباب من قيمة لمجتمعه وعالمه، ولابد ان يفكر بأسلوب الفكر العملي وان يتفاعل الشباب ويصوب نفسه بنفسه فيتطور تراكمياً خطوة بخطوة، فالعنصر التراثي غاية في الاهمية ولكن للاسف فهو كثيراً ما يكون غائباً في تجاربنا الشبابية. والحقيقة الواجب التأكيد عليها في النهاية هي ضرورة وضع استراتيجية جديدة لتطوير التعليم لأنه بلا تنمية مهارات الشباب فلا تنمية شاملة بابعادها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وبالتالي زيادة (هم) الأسرة السعودية عن بطالة ابنائها.