هناك العديد من المواقع الأثرية بمكةالمكرمة ينبغي المحافظة عليها والاستفادة منها حيث تزيد تلك المواقع عن عشرين مبنى أثرياً ولم يبق منها الآن سوى القليل نتيجة إزالة وهدم الكثير من تلك المباني والمعالم والمواقع الأثرية ومن المعالم التي لا تزال صامدة حتى الآن قصر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله والذي يعرف بقصر السقاف بمحلة المعابدة أمام مقر شرطة العاصمة المقدسة الذي اشتراه الملك عبدالعزيز حين قدومه إلى مكةالمكرمة في عام 1343ه واتخذه سكناً له عند قدومه الحجاز. ويعود تاريخ بناء هذا القصر بحسب الروايات انه كان في مكان موقع القصر دار لآل الشيبي تسمى ( التشمة) واشتراها السيد إبراهيم السقاف وهدمها وبنى مكانها القصر الموجود الآن على أحدث ما وصلت إليه فنون العمارة في ذلك العهد إلى أن اشتراها الملك عبدالعزيز في عام 1350ه وأجرى عليها العديد من التعديلات والإضافات والتوسعات التي تتناسب والاحتياجات الملكية. وحينما تم تأسيس رابطة العالم الإسلامي في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله أمر أن يكون هذا القصر مقراً للرابطة وظلت الرابطة هناك إلى أن انتقلت لمبناها الحالي في مدخل مكةالمكرمة بأم الجود في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله. فيما شغلت أجزاء من القصر أيضا لسنوات طويلة شرطة العاصمة في مكةالمكرمة. قصر الملك عبدالعزيز (قصر السقاف) هو شاهد على تطور فن العمارة في مكةالمكرمة ويشغل مساحة كبيرة وينقسم إلى قسمين رئيسيين: الأول عبارة عن القصر نفسه، والثاني عبارة عن برج يقع شرقي القصر. وللقصر واجهتان طويلتان تطلان على الشارع العام إحداهما ، المشرفة السفلية وهي واجهة حجرية غاية في الإتقان أما العلوية فإن عقودها مدببة وأعمدتها حجرية أقل إتقاناً من السفلية ويتوسط هذه الواجهة مدخل ضخم يتوج قمته عقد مدبب يرتكز على عمودين من الرخام ويلي ذلك كتلة المبنى الرئيسية وتتكون من أربعة طوابق تتخللها نوافذ واسعة من الرواشين الخشبية. ويغلب على تشييد القصر الطراز المعماري المكي والبساطة في المظهر الخارجي مع العناية بالتفاصيل الداخلية. ولقد استخدم في عمارة القصر الحجارة غير المصقولة الغشيمة في الأجزاء السفلية الآجر في الأجزاء العلوية مع تغطية كل ذلك بالبلاط المدهون باللون الأبيض فيما طليت أجزاء منه باللون الأصفر عند احتفال المملكة بالمؤية. أما البرج فيماثل طرازه تلك الأبراج في وسط المملكة وشمالها وتتخلله فتحات لإطلاق رصاص البنادق على مستويات مختلفة وهو مبني من الحجر غير المصقول والمكسي بالبلاط المطلي بطلاء أبيض ويفصل بين البرج وبقية أجزاء المبنى فناء يتخلل جداره الخارجي فتحات باب صغيرة. ويكاد هذا المبنى الأثري أن ينهدم اذا ما تدخلت إمارة منطقة مكةالمكرمة وأمانة العاصمة المقدسة والجهات المسؤولة لترميمه وحمايته من الانهيار والاستفادة منه . فمثل هذه الآثار والمواقع الأثرية ليست مجرد أبنية قديمة أو معالم لأحداث وقعت في الماضي تثير الحنين والشوق نحو الآباء والأجداد بل هي شهادة حية على سلوك إنساني عظيم وقيم ومعان نعتز بها ونحرص على تنميتها لدى أبنائنا وأيضاً الحرص على نشر هذه القيم وهذه المعاني لدى الزوار سواء كانوا من المقيمين أو ممن يقصدون بلادنا لأغراض الحج والعمرة والتجارة أو حضور الندوات والمؤتمرات والمعارض أو أي من الأغراض السياحية الأخرى. وجدير بمثل هذا الصرح التاريخي أن يستفاد منه بان يحول إلى متحف يحمل اسم الملك عبدالعزيز مؤسس هذا الكيان الشامخ يقصده الزائرون وان يكون مقراً لمكتبة الحرم المكي الشريف التي سئمت التنقل من مبنى لآخر حتى استقرت الآن في مبنى سكني مستأجر بحي العزيزية غير مهيأ لأن يكون مكتبة تضم أمهات الكتب والمراجع والمخطوطات التاريخية والوثائق النفيسة النادرة. وما نطالب به ونتمناه هو الاستفادة من جميع الآثار والمعالم التاريخية الموجودة والقائمة إلى وقتنا الحاضر للعديد من الاعتبارات من أهمها ربط الأجيال الحاضرة بالقنوات الزاهية من تاريخه وتذكيرها بالأحداث الجديدة في تاريخها المعاصر ويعتبر المبنى أحد النماذج القليلة الباقية التي تعبر عن عناصر العمارة التقليدية وأساليبها كما أنه يمثل نموذجاً فريداً بالنسبة لفترته التاريخية. إضافة إلى ذلك إعطاء صورة صادقة عن مدى ازدهار فن العمارة في مكةالمكرمة حيث يحتوي على كثير من العناصر المعمارية والزخرفية القديمة .