أعجب كثيراً لهذه الموجة التي نعاني منها وتفسد علينا الكثير من الإيجابيات في حياتنا .. وهي هذا الميل الشديد إلى الاستثناء .. الناس عندنا بكل أسف أصبحوا في غالبيتهم يميلون نحو طلب الاستثناءات في كل شيء. الطالب يريد أن يدخل المدرسة أو الجامعة أو المعهد بالاستثناء ما أمكنه ذلك .. ووالده يشجعه على ذلك والأسرة يسعى كل طرف فيها للحصول على هذا الاستثناء .. بصرف النظر عن تبعاته وسلبياته على المدرسة أو الجامعة أو المجتمع. والموظف يريد أن يحصل على الوظيفة بالاستثناء من النظام ما وسعه ذلك ، وكل يحاول أن يبرر لهذه الاستثناءات بظروفه وملابساته الشخصية ، وكأن مصلحته فوق مصلحة الآخر ين .. ورغباته فوق رغبات الآخرين .. حتى لو كانت سعادته على حساب شقاء الآخرين فهو يود الحصول على الاستثناءات بأي شكل. والمواطن .. المواطن العادي في كثير من الأحيان يريد أن يحصل على كثير من الاستثناءات ليبني خارح خطوط النظام المعماري لمجرد أن يحقق رغبته .. وقد يطلب استثناءات في عدد الأدوار .. وهو يعلم أن جيرانه قد يتضررون من ذلك .. وقد يدعون عليه وعلى من منحه الاستثناء .. ولكن لا ينظر إلى الموضوع إلا من وجهة نظره هو ومن زاوية مصلحته هو أيضاً. في التعيين نطلب استثناء. في الترقية نطلب الاستثناء. في البعثة نطلب استثناء أيضاً .. وحتى في العلاج والزواج. ومع أن النظام قد وضع ليحفظ مصلحة الأمة جميعاً ويجعل أفرادها متساوين في الحقوق .. وفي الواجبات ويصون كرامة الجميع .. ويحترم الجميع. وأي استثناء معناه إهدار للنظام وعدم احترامه .. ثم إهدار كرامة الأمة والتفريط في حقها .. والضياع لمصالح الناس .. وهو بالجملة فوضى .. تضر الأمة والمجتمع. فما أحوجنا إلى أن نوطن أنفسنا على التخلص من هذا الاستثناء ، ليشعر كل مواطن بمسؤوليته وكرامته .. لئلا يطمع أحد بحق ليس له ، ولئلا يضيع حق صاحب الحق ، فإذا ضاعت الحقوق ضاعت الأمة. والله الهادي وهو المستعان.