منذ مطلع العام الهجري الجديد وشعوب الأمة الإسلامية تعيش حالة من الإحساس والشعور والحب والوفاء لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم , لاسيما بعد الإساءات المتكررة لنبينا محمد ليس لها معنى سوى حس نبض بمدى تعلقنا به صلى الله عليه وسلم . وانشغال الأمة بهذا الإحساس والشعور هو بلا شك بداية الطريق إلى الله عز وجل والى رسوله صلى الله عليه وسلم , لأنه بداية تجديد عهد , وانبعاث خير بالأمة التي خرجت في عدة مظاهر وندوات واحتفالات ورحلات وحوارات ونقاشات ومقاطعات ومطبوعات ومسابقات ومؤتمرات , في تعبير صادق , ووفاء واضح , وتذكير ناصح وواعظ بسيرة سيد السادات صلوات الله وسلامه عليه . ومن هذه المنطلقات الإيمانية , والجذوة المشتعلة المباركة , ندعو إلى الاستمرار بالعناية بالسيرة النبوية والاحتفال بها في العام كله لحظة بلحظة , لان السيرة النبوية هي النبراس الحيّ لأمة الرسالة المحمدية , وهى المنهاج الأسمى للسير على خطى الحبيب صلى الله عليه وسلم , فمن خلالها نحكّم أمورنا بالإسلام في كل شيء , قياما وقعودا , حضرا وسفرا , منهاجا ونظاما , شريعة وحكما , أسرة وجماعة , خلوة وجلوه , نربط أحوالنا بميدانها , وركابنا بمسارها , نعمر بها أوقاتنا , ونحلي بها مجالسنا , ونعطر بها حياتنا , ونعلم بها أولادنا ونساءنا . ولا بد من استغلال المناسبات الدينية , والمحطات الإيمانية لتجديد العهد والوفاء , لاسيما وقد أهلّ علينا شهر الميلاد النبوي ربيع الانور شهر الربيع وافانا ***** أقبل علينا وهنأنا فيه أتانا رسول الله ***** للدين حقا هدانا فالحمد لله الذي أنار الوجود بطلعة خير البرية , سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام , قمر الهداية , وكوكب العناية الربانية , مصباح الرحمة المرسلة , وشمس دين الإسلام , من تولاه مولاه بالحفظ والحماية والرعاية السرمدية , وأعلى مقامه فوق كل مقام , وفضّله على الأنبياء والمرسلين ذوي المراتب العلية , فكان للأولين مبدءا , وللآخرين ختام , وشرف أمته على الأمم السابقة القبلية , فنالت به درجة القرب والسعادة والاحترام , وأنزل تشريفها في محكم الآيات القرآنية , بقوله : “ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله “ فما أعذب هذا الكلام وأحلاه اللهم صل وسلم وبارك عليه إن السيرة النبوية العطرة هي سفر الخلود , وسر العظمة والنبوغ , وارتباطنا بها لا يكون بردود الأفعال , وإنما بالإتباع والمحبة والاقتداء , فلنجعل حياتنا من حياته , وأوقاتنا من أوقاته , ولنفني العمر في دراسة سيرته العطرة , تحديثا وانطلاقا للأمم والشعوب العطشى في ثلاثية أخلاقية نبوية مابين : رحمة ومحبة وسلام . فعالمية رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم , ورحمته بالعالمين , تجعل المسئولية عظيمة , والميثاق غليظ , والجهد كبير , ولابد من استغلال هذه الجذوة المشتعلة لزيادة التعلق بشخصية هذا الرسول العظيم صلى الله عليه وآله وسلم , ولذاته الشريفة , وأخلاقه المنيفة , ورسالته العظيمة , رسالة الخلود والهدايه للعالمين . فعلينا جميعا استغلال هذه المناسبات بالوعظ والإرشاد , وحث الناس لدراسة ومعرفة السيرة النبوية من جميع جوانبها الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغير ذلك , وأن نصحب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه لحظة بلحظة في أحداثنا , وأحوالنا , وأمورنا كلها , من أقواله وأحواله وأفعاله . ونحن في شهر ربيع الانور , لابد إن نفكر مليا فيما جنيناه سابقا من بعدنا عن سيرته العطرة , ولنفكر بجدية وواقعية مدى حاجتنا الآن أكثر من أي وقت مضى في معرفة الأهداف والمعاني السامية , والمعارف والأسرار الكبرى , والكنوز والخزائن العظمى , لهذه السيرة العطرة , دراسة وتحليلا واستقراءا واعتبارا وإلهاما . لنقرأها في بيوتنا , ومدارسنا , ومساجدنا , وإعلامنا , وحوالنا , ولتمتلئ قلوبنا وأرواحنا بحب ذاته الشريفة , وعترته الطاهرة , وصحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين , وهي دعوة صادقة لنبرهن للجميع مدى تمسكنا بديننا وإسلامنا ونبينا صلوات الله وسلامه عليه وصلى الله على من أرسله رحمة للعالمين سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .