بعد تقاعده ، لم يركن الأستاذ الدكتور فؤاد محمود سندي إلى (القعود) بل نهض ليبدأ مشواره العلمي الجديد من روتين العمل الرسمي الممل ، والزاخر بالأجواء المعرفية الشائقة ، وكيف يطيب له القعود وهو العالم اللغوي الحائز على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى في اللغويات من جامعة الأزهر عام 1406ه ، والباحث المتمكن في علوم القرآن الكريم ، ودروس البلاغة العربية؟!. - بالأمس أهداني كتابه البديع «قبسات من إعجاز كلام الله في سيرة كليم الله سيدنا موسى عليه السلام » وكنت من المشيدين بموضوعه القيم الذي لا يقوى على تناوله سوى الراسخين في البلاغة وعلوم القرآن. | واليوم يتحفني أخي وأستاذي فؤاد سندي بإصدارين جديدين له ، هما امتداد لبحثه الدؤوب في لطائف التعبير القرآني وعجائبه، الأول بعنوان: (المنتقى من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومَنْ وما يتصل به في كتاب الله) والثاني، بعنوان: (من عجائب القرآن اللغوية) ، وقد بادر (ملتقى الأحبة) الذي أسسه ويرعاه أخي الأديب (الخلوق) الأستاذ عبدالحميد محمد أمين كاتب بطباعة ونشر الكتابين تعميماً للفائدة ، ولإمتاع القراء بلحظات التأمل في الدرر المكنونة في كتاب الله العزيز) فله الشكر والتقدير والدعاء بأن يكتب الله تعالى هذا العمل الجليل في موازين حسنات المؤلف والناشر. | يقول أ.د. فؤاد في مقدمة الإصدار الأول: (إن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بصدق لا تُمل قراءتها، ولا يُنكر تكرار الكتابة فيها، ولا ينتهي الغرف من بحر أسرارها!! ، وربما كان الجديد فيما كتبت هو أسلوب التقديم ، وزاوية الرؤية، هذا وقد حاولت جهدي أن أربط سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم ، فهو أكمل كتاب، وأصدق حديث، وإني أعرف أن القرآن الكريم ليس كتاباً في التاريخ، إنما هو دعوة إلى الله تعالى، وهو دستور السماء لعباد الله على الأرض، والقرآن الكريم لا يذكر أحداث السيرة مرتبة بزمن وقوعها ، ولا يعبأ بالتفصيلات الصغيرة فمكان ذلك كتب السيرة والتاريخ، وقد حاولت جاهداً أن أتناول الأحداث مرتبة ملتمساً لكل حدث ما تتحدث عنه أو تشير إليه آيات كتاب الله العزيز..وقد أبحث لنفسي التوسع قليلاً في عرض بعض الأحداث كلما رأيت في ذلك نفعاً أو امتاعاً لي أولاً ثم للمتلقي، هذا ولم اقتصر غالباً على ذكر المعنى الخاص للكلمة القرآنية التي تتحدث عن الحدث، بل أذكر أيضاً المعاني المتعلقة بمادة الكلمة اللغوية ولكن في حدود معلومة، وببساطة مقبولة مع الإشارة أحياناً إلى إعراب الكلمة أو الجملة إن لزم الأمر ولدفع اللبس عن البعض ، شارحاً معنى الآية القرآنية ، موضحاً بعض ما فيها من : لمحات لغوية، ولطائف تعبيرية، ودلالات وإشارات تشهد بسمو بلاغة أسلوب القرآن الكريم....). | وللحق أن أستاذنا القدير أوفى بما اختطه لبحثه القيم، وقدم عملاً لا غنى للقارىء والباحث أيضاً عن الاطلاع عليه والاستفادة من محتواه الحافل باللمحات الإبداعية الباهرة. | أما الإصدار الثاني: (من عجائب القرآن اللغوية) فإنه لا يقل جمالاً وإبهاراً عن سابقه لما احتواه من (الإعجاز التعبيري والعجائب اللغوية في القرآن الكريم) وصدق الله العظيم القائل في محكم التنزيل: (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً) الكهف : 109. | تحية وتقديراً لأستاذنا الدكتور فؤاد محمود سندي على ما يبذله من جهد كبير في سبيل تنوير وتبصير العباد بكل ما يتصل ببلاغة القرآن الكريم وعجائبه اللغوية، سائلاً الله تعالى أن يسدد خطاه ، وينعم عليه بالصحة، ويجزيه خير الجزاء.