أكد وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي أن المملكة تضطلع بدور مهم في تعزيز الاستقرار في أسواق البترول العالمية. وتعد أداتها الأقوى في تحقيق التوازن في السوق هي امتلاكها لطاقة إنتاجية احتياطية كبيرة. وقال: إن المملكة تعمل بجد لضمان حصول سوق النفط العالمية على إمدادات كافية ومتوازنة، وتحقيقا لهذه الغاية، تواصل سياستها الرامية إلى الاحتفاظ بطاقة إنتاجية احتياطية تتراوح بين 1.5 و 2 مليون برميل في اليوم على الأقل لاستخدامها في الأحوال غير المتوقعة. وبالنظر إلى الأوضاع الراهنة في سوق البترول فإن الطاقة الاحتياطية الحالية للمملكة ستبلغ معدلها 4.5 مليون برميل في اليوم بحلول منتصف العام الجاري عندما يبدأ مشروع خريص الضخم إنتاجه بطاقة 1.2 مليون برميل في اليوم، وهو معدل يتجاوز بكثير ما هو معلن في هذا الصدد. وبعد أن لفت معاله النظر إلى أن الحفاظ على طاقة إنتاجية احتياطية يتطلب استثمارات كبيرة , أكد أن هذه الطاقة أثبتت فعاليتها على مر السنين في مواجهة الاضطرابات غير المتوقعة للإمدادات، وساعدت على مواجهة تقلبات السوق. وأضاف معالي المهندس النعيمي في كلمة ألقاها أمام اجتماع للطاقة في مدينة هيوستن الأمريكية الليلة قبل الماضية: إن المملكة ستواصل زيادة طاقتها التكريرية في الداخل وفي الأسواق الرئيسة حول العالم، إلى جانب استمرار استثماراتها الراهنة للمساعدة في ضمان إمدادات مستقرة من الطاقة عندما يسترد الاقتصاد العالمي عافيته. وتحدث معاليه عن مواصلة المملكة الإستثمار المستمر في مجال التنقيب والإنتاج والتكرير والتسويق، إلى جانب الاستثمار في المعرفة والثروة البشرية، وإجراء البحوث والتطوير في مجال التقنيات التي ستساعد على ضمان مستقبل أنظف وأكثر استدامة للطاقة هدفها أن نصبح يوما أكبر مصدر عالمي للطاقة النظيفة ممثلة في الطاقة الكهربائية التي تنتجها من أكثر مواردها وفرة، وهو ضوء الشمس. . كما تقوم ببناء مؤسسات علمية جديدة لتعزيز معرفتها بالطاقة والبيئة، وتدرب العلماء والفنيين من أجل الغد. ومن بين هذه المؤسسات الجديدة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية التي ستفتح أبوابها في الخامس من سبتمبر من هذا العام، ومركز الملك عبد الله لدارسات وأبحاث البترول. وقال: إن المملكة ملتزمة بتعزيز الطاقة على المدى الطويل، وهي مهمة لن تكون سهلة بالنظر إلى تعقيدات الاقتصاد العالمي والديناميكيات المتغيرة لأسواق الطاقة والحاجة إلى معالجة قضايا التغير المناخي. ولكن، بالعمل معا يمكننا وضع استراتيجية عملية ومرنة توفر فرصا متكافئة لجميع أنواع الوقود والتقنيات. ومن خلال سياسات واقعية وفعالة، يمكننا أن نحقق، منتجين ومستهلكين، هدفنا المشترك في الحصول على طاقة مستقرة ومستدامة بأسعار معقولة من أجل بيئة أنظف ومستقبل أكثر ازدهاراً. عام الكساد وعد معاليه العام الماضي 2008 عام الاضطرابات والتقلبات غير المسبوقة التي لم يشهد لها العالم مثيلا منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي. وبين أن أسعار السلع وقيم الأصول بدت خلال العام الماضي جامحة لا يمكن كبحها وهي تتصاعد نحو مستويات لا يمكن تخيلها، ثم هوت في غضون أشهر. وأكد أن التقلبات المثيرة في أسعار البترول خلال العام الماضي قد أضرت بالمنتجين والمستهلكين والصناعة على حد سواء. وخاطب معاليه المجتمعين قائلا: إنه مع ما قد يكون من اختلاف وجهات النظر فيما بيننا حول ما يشكل سعراً معقولا للبترول ، يمكننا أن نتفق على أننا جميعا أصحاب مصلحة مشتركة في استقرار السوق بوصفه أمراً حيويا لنجاحنا الاقتصادي. غير أن تحقيق استقرار الطاقة مهمة صعبة في أسواق متقلبة بطبعها. كما أن تهيئة الظروف لاستقرار أسواق الطاقة يتطلب جهدا جماعيا لفهم العوامل المختلفة التي قادت إلى المأزق الحالي والخطوات الإيجابية، حيثما أمكن، للتصدي لمصادر عدم الاستقرار في المستقبل وأضاف: إن اضطرابات السنة الماضية، أدت إلى زعزعة أركان النظام العالمي لاقتصاد السوق. وجاءت هذه التقلبات غير المسبوقة إلى جانب تعقيدات الانهيار في النظام المالي وتسارع وتيرته كما لو كانت تسونامي اقتصادي أطاح بثوابتنا الفكرية والتجريبية وترك الكثير منا في لجاج الخلط والاضطراب وعدم اليقين حول كيفية المضي قدما. كما أدى الخوف وعدم اليقين الذي أحدثته الأزمة المالية إلى إعادة تحديد دور الحكومات في الأسواق. ففيما كانت العولمة وحرية الأسواق تعتقد بأفضلية الحد من تدخل الحكومات في الأسواق، نجد أن الاضطراب الاقتصادي الحالي يدفع باتجاه رأي عام يدعو للعودة إلى مزيد من التدخلات الحكومية في الأسواق. وفي حين كان الماضي القريب يدور كله حول المخاطر العالية والعوائد العالية، يركز الحاضر على مجرد الاستقرار وإمكانية البقاء. ونتيجة لذلك، تزايدت دعوات الناس للحكومات بالتدخل من أجل استقرار الأسواق. ورجح معاليه أن تمثل الأزمة الاقتصادية الحالية نقطة تحول كبرى في الطريقة التي تنظر بها الحكومات إلى دورها في الاقتصاد العالمي وتأثيرها في استقرار الأسواق العالمية، الأمر الذي سيكون له في حد ذاته آثاره الكبيرة على مستقبل الاقتصاد والطاقة. ورأى معاليه أن سياسات المملكة قد أسهمت بشكل إيجابي في استقرار الأسواق. بيد أنه قال // إننا ندرك أيضا أن قوى السوق تتغير بسرعة وأن هناك تحديات جديدة يجب التصدي لها إذا أردنا لجهودنا من أجل استقرار أسواق الطاقة أن تنجح//. ولخص معاليه خطر تقلب الأسعار في قدرتها على حجب مؤشرات السوق اللازمة لضمان استثمار كاف لتلبية الطلب المستقبلي على الطاقة. وبدون المزيد من الاستقرار في أسواق الطاقة، ستكون مهمة تحقيق الانتعاش الاقتصادي العالمي أكثر صعوبة. وألقى معالي وزير البترول والثروة المعدنية اللوم في التقلب الحاد لأسعار النفط خلال السنوات القليلة الماضية على المضاربين في السوق العالمية .. وقال // إن الارتفاع غير العادي للأسعار الذي شهدناه الصيف الماضي لم يكن مقياسا لأساسيات السوق بقدر ما كان انعكاسا لحالة التفاؤل المفرط لدى المستثمرين إزاء توجهات السوق/. وتوقع استمرار التقلبات مع هبوط حاد للأسعار. بيد أنه رأى أن هذه المستويات المنخفضة للأسعار لن تستمر ، كما لم تستمر ارتفاعاتها الكبيرة خلال السنة الماضية. فهم غير دقيق وعد معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي في كلمته المستوى المرتفع من التقلبات الذي يميز الأسواق البترولية في الوقت الراهن عقبة كبيرة أمام ضمان تدفق استثمارات مناسبة وكافية إلى قطاع الطاقة، الأمر الذي يضر بعملية صنع القرار وتخطيط الاستثمار من جانب المنتجين والمستهلكين على السواء. وأضاف: لقد أصبح واضحا على نحو مؤلم أن فهمنا لقوى السوق لا يزال غير دقيق في أحسن الأحوال. فقبل عام، توقع عدد قليل من الناس حدوث المأزق الذي نعيشه حاليا. وخلال الفترة الأخيرة التي شهدت توسع الاقتصاد العالمي على نحو سريع كثيراً ما كنا نسمع عن “تحولات عملية” وتصريحات حول “نهاية دورات الاقتصاد والأعمال”. وتحدث البعض عن حالة من “الانفصال” في الاقتصاد العالمي. وأصر البعض على أن أسعار البترول تمضى على نحو ما في طريق لا نهاية لها ، حيث توقع محللون بارزون أن تبلغ أسعار البترول بسهولة مستوى 200 دولار للبرميل أو أكثر في المستقبل القريب. ورأى معاليه وجود عوامل جديدة أسماه “بالتحديات الناشئة حديثا” ستسهم إلى حد كبير في استمرار التقلبات في أسواق الطاقة في المستقبل. تتمثل في عولمة أسواق رأس المال، والزيادة المذهلة في اهتمام المجتمع المالي بالبترول والطاقة بوصفهما من فئات الأصول الطاقة بوصفها إحدى فئات الأصول، والتغير المناخي. وأكد أن التحدي الثالث المتمثل في التغير المناخي، سيكون له تأثير أكثر عمقا في إعادة تحديد دور الحكومات والتدخل الحكومي في أسواق الطاقة. وقال وزير البترول والثروة المعدنية في هذا السياق: إن صحة البيئة تستحق الاهتمام الكامل لصناعة البترول وتفانيها في أن تصبح رائدة في مجال كفاءة استخدام الطاقة وأن تسعى إلى إمداد المستهلكين بمجموعة أوسع وأنظف من خيارات الطاقة بأسعار معقولة. وبات واضحا على نحو متزايد أن المشاكل التي نواجهها، مثل تغير المناخ، هي على درجة من التعقيد والاتساع بما يجعلها تحديا لأي جهد فردي. وربما كان التصدي لمسألة التغير المناخي على نحو سليم اقتصاديا يتطلب منا، أكثر من أية مسألة أخرى، أن نعمل بصورة تعاونية لإيجاد الحلول. فمن الواضح أن سياسات أي بلد منفرد للحد من الانبعاثات لن يكون لها تأثير يذكر ما لم يتم تنسيق هذه السياسات مع سياسات البلدان الأخرى في العالم. وبالمثل، يجب التصدي لمسألة استقرار أسواق الطاقة على صعيد عالمي، ومن خلال تعاون واسع النطاق. وأكد أهمية أن تكون السياسات الرامية إلى تعزيز وزيادة كفاءة استخدام الطاقة والمحافظة عليها السمة الأساسية لأية استراتيجية في مجال الطاقة . وعد استخدام موارد الطاقة الموجودة لدينا بشكل أكثر حكمة خطوة حاسمة نحو مزيد من الاستقرار والاستدامة. وقال: إن تلبية احتياجات العدد المتزايد من سكان العالم وتطلعات البلايين من الناس في البلدان النامية لمزيد من الإزدهار يتطلب وضع استراتيجية شاملة للطاقة. ونحن نرحب بكل وحدة حرارية بريطانية ونحتاج إليها، سواء كان مصدرها الطاقة المتجددة أو النووية أو الوقود الأحفوري. ودعا الحكومات التي تفكر مليا في كيفية الاستجابة للتحديات البيئية والاقتصادية الحالية، إلى أن تضع في اعتبارها أن عودة ظهور النزعة الحمائية من خلال الإفراط في فرض القيود وإقامة الحواجز في وجه التجارة سيكون لها آثارها المدمرة على الاقتصاد العالمي.