لا يكاد يخلو شارع أو حي أو أي مكان من الأماكن في ربوع المملكة من مدرسة أو مستوصف صحي أو مستشفى عام أو خاص أو حتى من منزل مأهول بكبار السن أو الأطفال الرضع والذين بطبعهم يحبون الحياة الهادئة التي لا صخب فيها ولا ضجر ، والواجب على جميع أفراد المجتمع أن يوفروا له جميع الوسائل والسبل المناسبة في سبيل راحته وسعادته ويكونوا لبنة صالحة يؤجروا على تعاملهم مع إخوانهم المسلمين آناء الليل وأطراف النهار ممتثلين في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(الدين المعاملة) وهذا الصنف من الناس موجود في مجتمعنا بكثرة ولله الحمد ، ولكننا نجد نقيض هؤلاء في أماكن متفرقة من المجتمع لا يرعون للأماكن حرمة ولا يقيمون لها وزنا ، تراهم يزعجون القريب منهم بآلات تنبيه السيارات (البواري) تارة أو بالتفحيط في الأماكن المأهولة تارة أخرى ، وإما برفع أصوات الموسيقى الصاخبة العربية والإفرنجية المفهومة وغير المفهومة عند إشارات المرور وداخل الأسواق العشوائية وغير ذلك من أنواع الإزعاج بمختلف مفاهيمه والأدهى من ذلك والأمر ما يعانيه المجتمع المسلم في ثلث الليل الآخر عند تنزل الرحمات الإلهية وقبول الدعوات المستجابات عند نزول الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا ويقول: (هل من داعي فأستجيب له ، هل من مستغفر فأغفر له ، هل من سائل فأعطيه سؤله .....) تجد في هذه الأوقات من يزعج جيرانه بالحفلات الغنائية سواء في صالات الأفراح أو الاستراحات وما شابهها ضاربين باحترام الآخرين عرض الحائط همهم الوحيد الترفيه عن أنفسهم مهما كلف الأمر حتى ولو على حساب غيرهم ، ويا سبحان الله أتعجب من حال هؤلاء الناس عندما ينصحون ولا يستجيبون وتأمرهم الدوريات الأمنية بالتوقف عن مثل هذه الإزعاجات ويعودون فلا نصيحة تردعهم ولا قوة تزعزعهم !! والأعجب من هذا وذاك أنهم مسلمون ويحضرون الجمع والجماعات ولكن دون جدوى صلاة لا تنهاهم عن المنكر ليست بصلاة ، إنما الصلاة الحقيقية هي كما قال ربنا عز وجل (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) وبغض النظر عما إذا كانوا يصلون أو لا يصلون ،أين ذهب خلق الحياء من هؤلاء؟ والذي هو صفة من الصفات الحميدة التي كانت العرب في جاهليتهم وقبل إسلامهم يتنافسون عليها ، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان) وروى البخاري كما في فتح الباري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فافعل ما شئت) ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها ). وما أجمل قول القائل: فلا والله ما في العيش خير ... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء يعيش المرء ما استحيى بخير... ويبقى العود ما بقي اللحاء