لاشك أن أمر القيادة أو القدوة جد خطير به من الأهوال والبلاء الكم الكثير، وهو ميدان جامع مهم، متعدد السبل والمهام، تتجلى فيه وتتوالى التبعات الجسام. لذا فإن للقيادة رجالها المخلصين، وفرسانها الحقيقيين، العارفين بحقائق النفوس، وطبائع الإنسان، القادرين على مواكبة الزمان والمكان.. ومن ثم كان سلاح القائد الحقيقي هو الحق، وسيفه البتار هو الصدق.. ودرعه المتينة هي الايمان والثقة واليقين.. وجنوده البواسل الأبرار، الحب والايثار والتواضع والرحمة لكل الأمة.. وهذا في اعتقادنا هو صناعة التاريخ . لذلك فإن صناعة التاريخ بالنسبة لنا ولغيرنا هي خير صناعة وخير منتج وخير شاهد. لذلك فأمننا بخير طالما بقيت في المملكة هذه الروح العربية الأصيلة وتأكيد المثل القائل (ان الناس معادن، والمعادن كثيرة منها الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص الى آخر القائمة الشهيرة في المعادن.. وبالمثل فالقادة معدنهم هو الذهب.. وهؤلاء يدخلون صناعة التاريخ فيتخلصون من شوائبهم واكدارهم ويخرج معدنهم سليماً قد تطهر. وسلام عليك يا مملكة اذ قال قائدك انه لا يمكن لأحد أن يصنع التاريخ، دون ان تتوافر فيه صفات القائد الانسان وهي تؤكد ان المعادن النفيسة هي عادة المعادن النادرة، وكذلك الأمر في القائد الذي يصنع التاريخ. جاءت كلمة الملك عبدالله في قمة الكويت، والتي رسم فيها صناعة التاريخ، فرأيناها ترتكز على أسس قوية ومبادىء اسلامية انطلقت من معاني الآيات القرآنية، واستخرجت من (الأجندة القيادية) ركائز محددة وهي صالحة للحكم والقيادة في كل عصر.. وما ينشده الوجود الإنساني.. متسلحاً بسمات القائد الانسان.. وهو صانع التاريخ. ولا غرو في ذلك، فالكلمة التي وجهها الملك عبدالله تميزت بالركائز التالية. الركيزة الأولى: حتماً ولابد.. الوفاء بالعهد.. قال تعالى : (وافوا بالعهد اذا عاهدتم) النحل 91. الركيزة الثانية: العمل الخلاق في جميع المجالات قال تعالى : (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) التوبة 105. الركيزة الثالثة : الصلح بين شتى الطوائف والأمم.. انها من أسمى الخصال والهمم وأصدق المعاني الانسانية.. قال تعالى : (فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) الانفال 1. وهكذا تحدثت المملكة عن نفسها بصوت قائدها عبدالله بن عبدالعزيز حيث أكد حفظه الله أن المملكة التي احتضنت قضايا أمتها العربية دائماً ستظل على عهدها مع اشقائها العرب. حقاً انها متعة صناعة التاريخ التي أكد فيها الملك عبدالله أن المملكة ستبقى دائماً حاضنة لقلب العروبة النابض يحفظ لها قيمها ومبادئها لا تساوم على الأسس العربية. أقول بكل موضوعية إن المملكة تحدثت عن نفسها على لسان قائدها ليقول إن صناعة التاريخ كما تم فعله في قمة الكويت من الرؤى حقاً وواجباً، بل هو أيضاً يعكس الركائز التي تحتضنها .