حذَّر خبراء مختصون وأكاديميون من مغبة جرائم القرصنة التي يقودها قراصنة صوماليون على سواحل البحر الأحمر، وتداعياتها على الدول المطلة على هذه السواحل والمنطقة بأسرها. ونبَّه الخبراء في ندوة أقيمت بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة أمس الأول عنوانها (أمن البحر الأحمر وتأثيراته على المنطقة) ادارها الدكتور عبدالرحمن بن سعد العرابي أستاذ التاريخ بالجامعة، إلى مخاطر التدويل في البحر الأحمر وأطماع اسرائيل فيه،وقالوا ان عمليات القرصنة ربما تجر المنطقة إلى وجود قوات أجنبية بدعوى محاربة وملاحقة القراصنة ، بينما تضمر في داخلها مطامع أخرى،ما يفاقم مخاطر الاطماع الاسرائيلية المتزايدة على منطقة البحر الأحمر وتزيد من خطر ابتزاز الدول العربية باستخدام القرصنة في مواجهة البترول ، اضافة إلى الآثار السلبية للقرصنة على النقل البحري في قناة السويس. وأشار المشاركون في الندوة إلى أن القوى العالمية الجديدة مثل الصين والهند تنتظر مثل هذه الفرصة لتثبت للأمريكيين انهاء الهيمنة الأمريكية وبروز قوى عظمى جديدة ، وهو ما بدأ فعلياً مع دخول نحو 20 اسطولاً بحرياً إلى السواحل المتاخمة للمنطقة بزعم التصدي لظاهرة القرصنة. وعدَّ الدكتور عبدالرزاق أبو داود ، أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز اسرائيل من أكبر مهددات منطقة البحر الأحمر ، لافتاً إلى سعيها لاقامة قواعد عسكرية بذريعة حماية المنطقة فيما تضمر نوايا غامضة لا تخفى على معظم دول المنطقة، ودلل على ذلك بكون عمليات القرصنة لم تستهدف أيا من السفن الاسرائيلية ، بل ظلت تستهدف الدول العربية والاسلامية، وقال إن ثمة دولاً بعينها تقوم بعمليات قرصنة في مناطق عديدة في العالم ولم تتخذ عقوبات ضدها. وأكد الباحث عبد المنعم مصطفى ان الوضع في البحر الأحمر يشهد حضوراً دولياً كثيفاً، وقال إن على الدول العربية المطلة على البحر الأحمر ان تسعى إلى تقليص الاخطار الناجمة عن التواجد الدولي الكثيف في المياه الاقليمية ، معتبراً أن الاوضاع الراهنة قد لا تتيح للعرب التصدي لهذه المخاطر الماثلة. ولفت الباحث عبدالمنعم في ورقة بعنوان (البحر الأحمر ..التعايش مع الخطر) ان الدول المشاطئة تبدو في الوضع الراهن مثل الدلافين التي تعيش وسط أسماك القرش، داعياً إلى ضرورة التعايش مع الأخطار الناجمة عن التواجد الدولي الكثيف في البحر الأحمر دون خسائر. وشددت الدكتورة سهام بيومي على أن التحرك الاعلامي والاقتصادي الذي لازم عمليات القرصنة في منطقة البحر الأحمر يؤكد أطماع بعض الدول في المنطقة مشيرة إلى ان عمليات القرصنة منتشرة في الكثير من الدول والمناطق في مختلف دول العالم. ونبهت بيومي إلى الآثار الخطيرة للقرصنة على اقتصاديات الدول ، مشيرة إلى أن بعض الدول قد استخدمت القرصنة كسلاح في وجه الأعداء أو لتحقيق أهداف محددة، أو ممارسة الضغوط على دول أخرى. واستعرضت الدكتورة عبله عبدالحميد بخاري تداعيات ظاهرة القرصنة مشيرة إلى أن أبرز أسبابها الفقر والمتغيرات الاقتصادية. وقالت ان غالبية الضالعين في أعمال القرصنة التي تحدث حالياً هم صوماليون معدمون اجبرتهم حياة الفقر والتشرد على التوجه إلى هذه العمليات غير المشروعة، وحول الحلول الواجب القيام بها رأى المشاركون ضرورة وجود قوات عربية لمراقبة المنطقة وذلك بعد نقاش مستفيض حول الأخطار السياسية والأضرار الاقتصادية التي ستحل بدول المنطقة جراء تلك العمليات.