كانت الأمة في عهد الحروب الصليبية أسوأ حالاً منها في عهدها الحاضر، وها هي ذي كتب التاريخ تحدثنا عما كانت تعانيه الأمة من تأخر وفرقة وانقسام وفساد في حياتها الفكرية والاجتماعية مع ضعف روح الجهاد والعجز عن رد الجيوش الصليبية التي توالت حملاتها ، وأجمعت أمرها على احتلال بيت المقدس، والاستيلاء على الأرض التي وصفها البابا أوربان الثاني بأنها الأرض التي تفيض لبنا وعسلاً. ومع ذلك كله فإن الأدب الإسلامي الذي أدى دوره منذ معركة الاسلام الأولى مع كفار قريش ، ومع توالي المعارك الاسلامية من بدر إلى حطين أدى دوره المتميز في فترة الحروب الصليبية ، وأسهم في تمسك الأمة بدينها القويم، وحضها على مواجهة الأعداء ووصف المعارك الحاسمة ورثاء الشهداء الأبرار وتمجيد الانتصار. وها هو ذا التاريخ يعيد نفسه ، فلا نكاد نجد دولة اسلامية لا يحتلها عدو غاصب ، أو يتهددها عدو متربص، أو تقوم فيها فتن كقطع الليل المظلم، وها هي ذي غزة يعيث فيها فساداً عدو لم يعرف التاريخ أشد منه حقداً ، ولا أنكى منه لوماً ، تعينه على عداوته دول كبرى ودول صغرى، وقد توالت ويلاته حتى لم يكد ينجو منه أحد من شعب فلسطين الأعزل، وبلغ من كثرة هذه الويلات، وتواليها ليل نهار أن لم تعد تتحرك لها ضمائر بعض الناس ولا نخواتهم وهم يرون اخوانهم بين شهيد وجريح ، ترمل نساؤهم ، ويقتل أطفالهم، ويفتك الجوع والحرمان بهم. وما نملك إلا أن نشكو بثنا وحزننا إلى الله ، وما نملك إلا أن نرسلها صرخة مدوية في ضمير أدباء الأمة وشعرائها أن يقوموا بما قام به أسلافهم من قبل، بأن يوظفوا ضمير الأمة بالكلمة الطيبة لاقالتها من عثرتها ، وانقاذها مما تردت فيه من الوهن والهوان، ومن البعد عن روح الجهاد كما يريده الله عز وجل ، خالصا لوجهه الكريم ، بعيداً عن التطرف والارهاب مع ما يحمله الأدب شعراً ونثراً من رسالة سامية في رسم طريق النهوض والتقدم، وإعداد العدة ، وتقوية حصون الأمة. رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ورئيس تحرير مجلة الأدب الإسلامي