ظلَّ الأديب والكاتب والمؤرخ هاني فيروزي يعطي ويبذل ويقدم وينتج ويوثق ويبحث في التاريخ، وخاصة المكي حتى آخر لحظة من حياته، لم يفت المرض العضال الذي نشب أظفاره في جسده على حين غرة، من عضده، ولم تلن له قناة او يستسلم للألم والوجع الذي كان يعتصره، بل ظل يتجلد ويتحامل على المرض رغم شدته وهو يستقبلك بابتسامة صادقة نابعة من قلبه الابيض، استشعاراً لاحترامك ووفاءً وتقديراً لشخصك ومنذ أن عرفت فيروزي بشكل مباشر ولصيق ابان مرحلة طباعة (الندوة) في مطابع رابطة العالم الاسلامي عندما كان مديراً عاماً لها وكنت أيامها مديراً لمكتب المدير العام ورئيس التحرير الدكتور عبدالرحمن بن سعد العرابي، وحتى من خلال كتاباته في الصحيفة بصفتي مشرفاً على المقالات اكتشفت مدى انسانيته التي يتمتع بها وسط ابناء المجتمع المكي، ودماثة خلقه الرفيع وتواضعه الجم الذي يتميز به مع الكبير والصغير، على الرغم من بحثه الدؤوب والدائم عن تاريخ مكةالمكرمة حيث كرس كل جهده ووقته لهذه الغاية النبيلة، ولعل هذا الاهتمام يعكس مدى حبه العميق لمكةالمكرمة التي ولد وترعرع على ثراها الطاهر المقدس، ان حياة الفيروزي محطة هامة وحافلة بالعطاءات في مجال ادب الاطفال، والزجل والتاريخ والشعر، والبرامج الاذاعية والتلفزيونية ويكفي ان كرمته وزارة الثقافة والاعلام وغيرها من المنتديات الادبية والثقافية والفكرية وفاءً وتقديراً لعطاءاته لهذا الوطن الغالي، ولئن رحل عنا الفيروزي بجسده الا انه سيظل نقشاً في القلب لأنه يعرف كيف يأسر قلوب اصدقائه ومحبيه بطريقته الخاصة واتذكر انه رحمه الله قبل أن يسافر الى العلاج كان يهاتفني ممازحاً بصوته الدافىء الحنون جهز لنا فنجان القهوة يا ابا صالح.. لقد كان رقيقاً في تعامله شفيفاً في أحاديثه، اريحياً في تصرفاته، لقد خسر الادب والتاريخ والثقافة قامة ومنارة سامقة، رحم الله الفيروزي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته بقدر ما أعطى للوطن. (إنا لله وإنا إليه راجعون)