سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موسوعة الإصابة في تميز الصحابة تحقيق علمي خالٍ من التحريف الأمير نايف تكفل بتكاليفها على نفقته الخاصة
16 مجلداً ترتكز على تصحيح النص بالاعتماد على طبعة البخاري
د. التركي : الأمير نايف يهتم بالعلوم الإسلامية وخاصة ما يتصل بمصادر الإسلام
تكفل وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز بتكاليف طباعة وتوزيع موسوعة الاصابة في تميز الصحابة على نفقته الخاصة التي تعنى بصحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم والجيل الأول للقدوة الذي حمل رسالة الإسلام. وتضم الموسوعة 16 مجلداً تركز على تصحيح النص بالاعتماد على طبعة البخاري ومقابلتها بأصول خطبه لثماني طبعات أخرى، والطبعة محققة تحقيقاً علمياً خالية من السقط والتحريف والتصنيف. واكد الامين العام لرابطة العالم الاسلامي معالي الدكتور عبدالله التركي ان صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز دأب على الاهتمام بالعلوم الانسانية وبخاصة ما يتصل بمصادر الاسلام الكتاب والسنة. ويعد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير قرون الاسلام وابر الامة قلوباً واعمقها علماً، واقلها تكلفاً قوم ادبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدب النبوة، وعلمهم الكتاب والحكمة وزكاهم واثنى الله تعالى عليهم بجميل الثناء في كتابه العزيز فقال : (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابداً ذلك الفوز العظيم) (التوبة 100). فذكر ان الصحابة على درجتين منهم سابقون ومنهم لاحقون وأنهم وان استووا في الفوز برضوان الله والبشارة بما أعد لهم من جناته، الا ان السابقين للاسلام والهجرة والنصرة، والذين شهدوا بيعة العقبة أو غزوة بدر أو الحديبية، لهم فضل ومزية على غيرهم، من مثل مسلمة الفتح واصحاب الوفود والمولودين في زمن الاسلام. وفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على سائر الأمة، ثابت لا مرية فيه، فهم الذين عزروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصروه بأموالهم وانفسهم، فلم يتخلفوا عنه ولا رغبوا بأنفسهم عن نفسه، قال كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة توبة الله عليه في تخلفه عن غزوة تبوك: فطفقت اذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحزنني ذلك اني لا ارى لي اسوة الا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق، او رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء. وقد صبروا في البأساء والضراء وحين البأس، حتى توطدت بجهودهم دعامة الاسلام في الجزيرة العربية وخلصت للتوحيد بعد الوثنية، ثم انطلقوا في الارض يضربون فيها الاغوار والانجاد، يبلغون رسالة ربهم الى أمم العالم. وهم الذين جمعوا القرآن الكريم في مصحف واحد، واستنسخوا عنه نسخاً أرسلوها الى الأمصار الاسلامية، لتكون ائمة للناس في مصاحفهم. ولازموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه التنزيل وعرفوا التأويل، وحملوا عنه العلم فكانوا له وعاة ورواة، حتى ادوه بأمانة وتثبت الى من بعدهم، فمن افواههم سمع التابعون السنة وبهم تفقهوا في الدين. واتفق جماهير العلماء على عدالتهم في النقل والرواية، وعد كثير من الائمة آراءهم في المسائل الفقهية حجة على من بعدهم، ما لم يعارضها ما هو اقوى منها في الثبوت او الدلالة. ولما انفرد الصحابة رضوان الله عليهم بهذه المزايا، كان حقهم متأكداً على سائر اجيال الأمة الى يوم القيامة، ان يعرفوا لهم فضلهم ويترضوا عليهم جميعاً من دون مثنوية، ومن غير فرق بين الملازمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين من صحبه لمدة يسيرة، أو رآه مرة او مرتين، فإن شرف الصحبة ثابت بأقل ما ينطلق عليه الاسم، قال الامام البخاري رحمه الله في أول باب فضائل اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الجمعة : ومن صحب النبي صلى الله عليه وسلم او رآه من المسلمين فهو من اصحابه . أه. ومن تمام معرضة فضلهم ان يعقد المسلم قلبه على حبهم، ويثني عليهم بالخير، ويترضى عليهم، ويحسن الظن بهم فيما شجر بينهم، فإنهم أحق الأمة ان يلتمس لهم احسن المخارج. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الوقيعة في اصحابه، معللاً ذلك بقصور غيرهم عن بلوغ شأوهم، فقال : (لا تسبوا اصحابي، فلو ان احدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) اخرجه الشيخان عن ابي سعيد الخدري. وقال الله تبارك وتعالى في كتابه (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله اولئك هم الصادقون والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا انك رؤوف رحيم) (الحشر : 8 10). فذكر المهاجرين واثنى عليهم بقصدهم في هجرتهم الى طلب مرضاة الله ونصرته سبحانه ونصرة رسوله صلى الله عليه وسلم، وشهد لهم بالصدق، ثم ذكر الانصار واثنى عليهم بسبقهم للاسلام واتخاذ المدينة داراً لايواء اخوانهم المهاجرين، محبين لهم مؤثريهم على أنفسهم، وشهد لهم بالفلاح، ثم ذكر طائفة ثالثة تأتي من بعدهم، واثنى عليها باستغفارها للمهاجرين والانصار، وسؤالها لله تعالى ان يطهر قلوبها من الغل على احد منهم. فينبغي ان يحرص كل مسلم على ان يكون على ما ذكر الله من حال الطائفة الثالثة وصفتها، كما روى ابن بطة العكبري فيما ذكره عنه ابن تيمية في منهاج السنة النبوية، عن سعد بن ابي وقاص، رضي الله عنه، قال : الناس على ثلاث منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه كائنون، أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت ثم قرأ الآية الآنفة.واثبت هذا الموقف من الصحابة رضوان الله عليهم، كثير من العلماء المتقدمين في ترجمة عقيدة السلف، من ذلك قول الامام ابي جعفر الطحاوي في عقيدته: ونحب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نُفرط في حب احد منهم، ولا نتبرأ من احد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم الا بخير، وحبهم دين وايمان واحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان، وقال ابو محمد ابن ابي زيد القيرواني في رسالته : وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول الا بأحسن ذكر والامساك عما شجر بينهم، وانهم أحق الناس أن يُلتمس لهم المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب. واليوم وقد اصبحت الامة أكثر تعرضاً للغزو الفكري والثقافي، واشد افتناناً بالدنيا وزينتها، هي أحوج ما تكون الى احياء سير الصحب الكرام، وتعليمها للصغار وروايتها بين الكبار، فقد تضمنت من سمو الأخلاق والاستقامة على دين الله، والمواقف الايمانية الرائعة في الذب عن الاسلام ونصرة رسوله عليه الصلاة والسلام، ما فيه اسوة وقدوة لمن جاء بعدهم، وان مما يؤسف له ان نرى بعض شبابنا معجبين بمشاهير اللاعبين والفنانين وأشباههم، يعلمون من تفاصيل اخبارهم، ويسعون في تقليدهم، ولا يعرفون شيئاً عن مشاهير الصحابة، فضلاً عمن سواهم. وقد اعتنى المصنفون منذ زمن بعيد، كالبغوي وابن قانع والطبراني، باحصاء اسماء الصحابة وجمعهم في معاجم مفردة، مع اختصار تراجمهم وبيان مشاهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المغازي والسير، والهجرة وبيعة العقبة والرضوان ونحو ذلك. ومن اشهر هؤلاء المصنفين الحافظ ابو عبدالله بن منده الذي ذيل عليه ابوموسى المديني، والحافظ ابو عمر بن عبدالبر الذي ذيل عليه ابن فتحون، والحافظ ابو نعيم الاصبهاني في كتابه معرفة الصحابة. ثم جاء المؤرخ الاديب ابو الحسن علي بن محمد بن الاثير الجزري فصنف كتابه اسد الغابة، جمع فيه الكتب السابقة الا ذيل ابن فتحون، وزاد من غيرها اسماء. فكان هذا اسد الغابة أجمع الكتب في هذا الباب، قبل ان يظهر كتاب الاصابة في تمييز الصحابة، خاتمة الحفاظ والمحققين، شهاب الدين ابي الفضل احمد بن حجر الكناني العسقلاني ثم القاهري، المتوفى سنة 852ه فقد جمع فيه ما في اسد الغابة وزيادات تجريد اسماء الصحابة للذهبي، وزاد عليهما كثيراً، لكنه مات قبل عمل المبهمات. رتبه على حروف المعجم، وجعل تحت كل حرف اربعة اقسام: الاول : فيمن ثبتت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، بأي طريق صحيح، كالرواية عنه والأخبار المفيدة للصحبة، وهذا القسم هو معظم الكتاب. والثاني : في الذين ولدوا في عهده صلى الله عليه وسلم من أبناء الصحابة. والثالث : في المخضرمين. والرابع : فيمن ذكر في الصحابة على سبيل الوهم والغلط البين. والحق أن الحافظ بن حجر لم يكتف بتلخيص ما في كتب من سلفه، بل تقصى اصولها ومصادرها، فحق فيما ذكر في التراجم من اخبار وحكايات وقصص، مع نقد الاسانيد صحة وضعفاً، وايضاح الاوهام الواقعة لدى بعض المصنفين فيها، وفي الأوهام الواقعة في الاسماء المتشابهة منهم، فميز كل ذلك تمييزاً دقيقاً، بنى عليه اقسام الكتاب، فجاء كتابه هذا ديواناً فريد الطراز، جامعاً لما تفرق في الكتب المصنفة قبله، حافلاً بالفوائد المنثورة التي ذكرها على سبيل الاستطراد او التنبيه، فأوفى فيه على الغاية، وكان له في بابه من المنزلة بين طلاب العلم والمشتغلين به، ما لفتح الباري بالنظر الى ما تقدمه من شروح البخاري، وكان ما اشتمل عليه من علوم غزيرة، وفنون عدة وفيرة، دليلاً على الشأو البعيد الذي بلغه مصنفه، في التبحر وسعة الاطلاع، على حد ما وصفه به مقدم تلاميذه الحافظ السخاوي في الضوء اللامع، اذ قال : وقد شهد له القدماء بالحفظ والثقة، والامانة والمعرفة التامة، والذهن الوقاد، والذكاء المفرط، وسعة العلم في فنون شتى. أ ه. كل ذلك مع ما ألان له من حسن التصنيف، وجودة الصناعة في البيان والتأليف، فقد نيفت تصانيفه على مائة وخمسين كتاباً، فيما ذكر السخاوي في ترجمته، بل بلغت لدى الاحصاء ضعف هذا العدد، كما سيجده القارىء في مقدمة الاصدار الجديد الذي يسره الله تعالى بتوفيقه، في طبعة محققة تحقيقاً علمياً، وفق المنهج الذي مضى عليه العمل في سلسلة الكتب التي سبق تحقيقها بالتعاون مع مركز هجر في مصر، ومؤسسة الرسالة في الشام. وقد طبعت الاصابة طبعات عدة، في كلتكة بالهند، وفي السعادة والمكتبة التجارية الكبرى والكليات الازهرية بمصر، ومكتبة المثنى ببغداد، ولم تخل هذه الطبعات من السقط والتحريف والتصحيف، بل خرج النص في بعضها مشوهاً لا يمت الى التحقيق بصلة، واحسنها واشهرها تداولاً الطبعة التي حققها الشيخ محمد علي البجاوي، ونشرتها دار نهضة مصر بالقاهرة، فقد اولى النص اهتماماً جيداً وحاول تنقيته من الخطأ والتحريف كما اشار الى ذلك وكان جهده مشكوراً، الا انه وقع له ايضاً بعض التصحيفات والتحريفات والسقط في بعض التراجم. وقد كان العمل في هذا الاصدار الذي بلغ ستة عشر مجلداً، مرتكزاً على تصحيح النص بالاعتماد على طبعة البجاوي، ومقابلتها باصول خطية ثمانية أخرى يسرها الله تعالى، ثم ضبطه ضبطاً يزيل الاشكال منه، وترقيم الآيات، وتخريج الاحاديث والآثار وعزو الاشعار لقائليها ودواوينها، وترجمة الاعلام وتفسير الغريب والتعريف بالاسماء العلمية من البلدان والاماكن وغيرها. واما النصوص التي أوردها المصنف، فقد تم توثيقها بعزوها الى مواضعها مما يتوفر من المطبوع، كل ذلك على قدر الامكان وما يتوفر من الكتب. ويجد القارىء في بعض المواضيع تعاليق مختصرة تدعو اليها الحاجة، في أعقاب تخريج الاحاديث او بيان بعض المعاني او غير ذلك. وأتبع العمل بفهارس فنية اشتمل عليها المجلدان الأخيران (15 16) منها : أطراف الاحاديث القولية والفعلية، والآثار، والأشعار والارجاز، وأعلام الصحابة من الرجال ثم النساء. فحري بطلاب العلم وشباب المسلمين الاعتناء بكل ما يربطهم بسلفهم وصحب نبيهم ويعرفهم بسيرتهم وما كانوا عليه، ليقتدوا بهم ويسيروا على الطريق الذي نهجوه. وما كان لهذه الموسوعة القيمة ان تصدر بثوبها القشيب هذا، لولا عون الله تبارك اسمه وحسن توفيقه، وما جنده لها من اليد البيضاء السخية التي أكرم بها صاحب السمو الملكي الامير الفاضل نايف بن عبدالعزيز آل سعود، وزير الداخلية، الذي دأب حفظه الله على الاهتمام بالعلوم الاسلامية، وبخاصة ما يتصل اتصالاً مباشراً بمصادر الاسلام، الكتاب والسنة. فلقد انشأ اجزل الله له المثوبة مسابقة ضخمة للسنة النبوية، شجع من خلالها الباحثين وطلاب العلم، وكانت من أعظم الحوافز لديهم للعناية بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرته، حفظاً وفهماً وبحثاً وتأليفاً. فلا غرو أن يهتم بهذه الموسوعة التي تعنى بشكل مباشر بصحابة نبينا صلى الله عليه وسلم ونقلة سنته وسيرته، والجيل الأول القدوة الذي حمل رسالة الاسلام بصفائها ونقائها ووسطيتها وعدلها وتسامحها. لقد تفضل فتحمل تكاليف توزيع هذه الموسوعة على نفقته الخاصة، كعادته الكريمة في ذلك، ولا غرابة فهو سليل أسرة كريمة نذرت نفسها للدفاع عن الاسلام واقامة شريعته. فجزى الله سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود خير الجزاء وشكر له وجعله من أنصار دينه.