صدر العدد (20) من مجلة الجوبة الثقافية حاملا معه العديد من المواد الثقافية والأدبية والابداعية تتصدرها افتتاحية المشرف العام ابراهيم الحميد الذي يكتب عن رحيل الأستاذ الدكتور عبدالوهاب المسيري، أحد أهم المفكرين في عالمنا الاسلامي ، الذي رحل في الثاني والعشرين من شهر يوليه عام الفين وثمانية ميلادية ، بعد أن اضاف للمكتبة العربية عشرات الكتب والموسوعات من خلال كتاباته - التي يقصر غالبيتنا عن الاحاطة بها أو قراءتها والتمعن فيها - ما يجعل منه نموذجاً فريداً للعالم الموسوعي ، والذي يقدر ما يمثل فخراً لأمتنا، نجده يشكل تحديا للأجيال القادمة لاحتذاء نهجه. ويرى الحميد أن المسيري لم يتوقف عند حد ما ، فقد تنقل في كتاباته كما أفكاره من الأدب إلى الفكر إلى السياسة مما جعله أنموذجاً لكل طالب علم ومعرفة، وتقدم الجوبه دراسات ، أولاها في رواية خاتم للروائية السعودية رجاء عالم ، وهي رواية اللغة والتصوف والحكاية، رواية الماضي الذي يتلبس الحاضر ويكونه ، إنها كذلك وبالضرورة سيرة حواء العالم العربي المختلفة التي قُدر لها أن تسافر عبر عالم مغلق، ماسحة بعين النقد الكشافة صور العالم المهتز الذي قدر لنا أن نعيش فيه ،حيث المرأة علامة زائدة مكملة، والذكر أساس. والثانية دراسة أدبيبة لمجموعة (مدن العزلة) التي يتساءل في بدايتها د. عدنان الظاهر عن كيف ولماذا وقع اختياره على عنوان هذه الدراسة (عاشق في فرنسا) ويفسر ذلك ، لأن شريف - كاتب المجموعة - ولأول مرة يكتب غزلاً وحباً مشوبين بلوعة المحبين، وما يعاني المحب من حرقة الفراق بعد اللقاء، ويقول إن هذا الموضوع أغراني لأنني أعتبره المحك الدقيق والمرآة الأمينة لرصد مصداقية الشاعر والإنسان عموماً ، والبرزخ أو المعبر الذي يصب الشاعر خلالها أصدق مشاعره وما يعانيه من عذاب الحب والفرقة، لا يخفي محب حبه ..فكيف بشاعر!!. وتأتي الجولة على دراسة ثالثة للمنهج الجمالي لرامي أبو شهاب ، وفيها محاولة للبحث في ماهية المنهج الجمالي ومفهومه ونشأته والعلائق التي يقيمها مع عدد من القضايا كأخلاق المجتمع ، وجذوره في النقد العربي القديم وآلياته في التعاطي مع النص الأدبي، وقد أعتمد في هذه الدراسة أسلوب العرض والتحليل وصولاً إلى رؤية واضحة لهذا المنهج. وتدخل الجوبة في مواجهات أربع أولاها مع أستاذ كرسي الأدب العربي في جامعة لندن كمال أبو ديب الذي يرى أنه في ثقافة متفتحة وحية مليئة بالحركة وقلق المعرفة، لا تطغى مثل هذه الدرجة من الوعي بالتراث والاهتمام بمشكلاته التي نعانيها الآن في العالم العربي. ويقول أبو ديب انه كما عاني أدونيس من صدمة الحداثة (فأنا شخصياً أعاني من صدمة التراث) وأشار إلى أنه من السذاجة أن نتصور أن لدينا تراثاً منسجماً (....) وأن التراث عالم معقد ووهم كبير تصعب تنقيته. أما المواجهة الثانية فكانت مع الشاعر د. أحمد بن عبدالله السالم الذي يقول إن من لا يشعر بالانتماء للوطن في كل لحظة من لحظات حياته يبقى بلا هوية مهما أوتي من أسلحة التميز ، وفي حديثه عن الشعر الأصيل - الذي هو منهجه - يقول إن متذوقه يحتاج إلى ثقافة معجمية وثروة لغوية ضخمة ، وحس موسيقي ، وأذن مرهفة، وهو ما يفتقر إليه أكثر المثقفين اليوم ، أما شعر الحداثة ففيه شيء من المباشرة والسهولة، لأن لغته تميل إلى اللغة الدراجة ، وإن كانت ضعيفة كما هي لغة الصحافة لكن الشيء المؤكد أن الشعر العربي الأصيل والحداثي متى ما جمعا في منبر واحد ، فإن الكلمة الفصل هي للأصالة لا للحداث ، أو أكبر دليل مسابقة الشعر في قناتي (أبو ظبي) و(المستقلة). وجاءت المواجهة الثالثة مع الأديبة الأردنية د.سناء شعلان التي تحلم بعالم ليس فيه دمعة أو صرخة أو سجون أو أسوار أو جياع أو ظلم أو ظلمة، تحلم بجنة الله على الأرض ، إلا أنها تعرف أن جنة الله في السماء ولن تكون أبداً في الأرض مهما حلم الحالمون ، واجتهد المجتهدون. وتبرر اتجاهها للكتابة في أدب الأطفال فتقول: لأنني أملك قلب طفلة، وعقل امرأة، وفكر فنان ملتزم، أقتحم مجال الكتابة للطفل - ذلك الدرب الوعر الذي يخشاه الكثيرون - فقلب الطفلة هو الذي يجعلني أحب كل الناس وأحلم مع كل الحالمين لا سيما الأطفال منهم ، وعقل المرأة الذي فطره الله على الحب الشديد للأطفال والحرص عليهم والقلق إزاء كل ما يخصهم هو ما جعلني أتجه إلى أدب الأطفال لأقدمه عبر ما أتمنى أن يقرأه ابني وأبناء غيري ، فيرتقي بمداركه وحواسه، ويخاطب عقله وخياله ، أما فكر الفنان الملتزم الذي يحاصرني فهو ما جعلني أخطو تجاه هذا الأدب السهل الممتنع الصعب الممكن ، لأقدم أدباً أزعم أنه يربط الطفل بعالمه وحضارته وموروثه وواقعه، ويرتقي به عن الخرافات والأوهام والأكاذيب والعنف والتحيز. وتأتي المواجهة الرابعة مع الروائية السعودية الصاعدة عائشة الدوسري التي تقول إنها تستطيع أن تفرض نفسها، لأنها تحاكي هموم المجتمع وأحلامه ، وتعترف بأن الاعلام ساعد في انتشار الرواية السعودية إلى حد ما ..من خلال معارض الكتاب التي تقام في مختلف مدن المملكة وخارجها ومن خلال اعلامه المرئي والمسموع والمقروء ، وحتى تكون روائيا، عليك أن تملك - على حد قولها - ثلاثة أسس ، هي الفكرة والأسلوب والحبكة، وترى أنه من السهل أن تصبح روائيا سواء في السعودية أو غيرها ، أذا امتلكت الموهبة والمادة ، وتنشر الجوبة قصصا لإبراهيم الحميد، وهويدا صالح ، وسهام الدهيم ، فاطمة الناهض ، وزهرة أبو سكين ، وخالد الأحمد، كما تنشر قصائد ليوسف العارف ومحمود مغربي، وميسون أبو بكر ، وعماد الدين موسى، وحمدي هاشم حسانين وفاتن محمود ، ومحمد بنيس ، وأسامة رابعة.