اللغة العربية عريقة في تاريخها ثريه في مفرداتها ومعانيها.. بل هي كنز اللغات الحية عطاء وقدرة على التدليل وبلاغة في التعبير مما يجعلها تستوعب كل أشكال واساليب الإبداع ومعانيه وآفاقه الذهبية والإنسانية الرحبة وقد ظلت لغتنا العربية على قوتها وخصوبتها منذ نحو 17 قرناً أو يزيد.. لذلك فهي اللغة الوحيدة التي لم تذب ولم تتهجن مفرداتها الأصيلة رغم اللهجات المحلية ومحاولات التغريب الاستعماري في عدد من الأقطار العربية خلال القرن الماضي.. ولم تندثر كما اندثرت لغات أخرى كثيرة مع أقوام بشرية وأزمان تاريخية وحضارات انسانية العكس هو الصحيح فقد استوعبت لغتنا الجميلة شعوباً وأقواماً في الشرق والغرب إبان الفتوحات الإسلامية والحضارة العريقة التي حملت لواء الإسلام وابداعات وفنون المسلمين في مجالات الطب والعلوم والفلك والفلسفة وغير ذلك من المجالات التي أخذ منها الغرب ونهل وأقام نهضته على أساسها وإن كان صبغها بنظريات مادية في السياسة والاقتصاد والعلوم وغيرها مما يغزوننا بها فكراً واكتشافات واختراعات جديدة وتقنيات حديثة.. ويقدمونها لنا بلغاتهم اليوم وفي عصر التقنية والمعلومات وعصر الفضاء والعولمة.. نعيش تحديات خطيرة واخشى ما نخشاه هو التأثير الثقافي الذي يرتبط أساساً بمفردات مادية جامدة ومصطلحات من غير بيئتنا اللغوية.. باتت تفرض نفسها علينا لأنها لغات ومفردات أمم غيرنا تقدمت وامتلكت بمصطلحات المادة والتقنية ولكنها مفرغة من مفرداتها ومعانيها الانسانية ودليل ذلك السطوة المعلوماتية الغربية ولغة استخدام الحاسبات وبرامج الكمبيوتر والغزو الفضائي وفي النشرات التوضيحية للأجهزة التقنية وغيرها وأصبحنا لانرى قوة وتفوقاً وتميزاً إلا فيمن يجيد ثقافة ولغات الآخرين.. ولأنهم متقدمون ومتصدرون لنا.. ونحن في خطى ثالبة وتابعة له تقنياً مستوردون منهم.. فإن من الخطر أن ننجرف إلى ثقافاتهم ولغاتهم بحكم تأثير العولمة والتبعية التقنية وتأثير ذلك على الأجيال من امتنا في ان التحديات كبيرة ومن زاوية اللغة العربية فإن الأمر خطير ويتطلب تحركاً من حماة اللغة للتعريب الصحيح للبرامج التقنية.. ونطالب المجامع اللغوية دراسة ما يستجد من مصطلحات ومفردات.. ومن مؤسساتنا التربوية الوعي بخطورة التأثير التقني على اللغة لدى الأجيال.. كذلك أسماء المحلات واللوحات التجارية التي تحمل عبارات ومسميات غير عربية الأصل ولكنها منطوقة بالعربية.. إنها مسؤولية بالغة الأهمية في الدفاع عن لغتنا الجميلة في مواجهة هذا السيل الجارف من التأثيرات السلبية العالمية في عصر الفضاء والمعلومات والعولمة.. وستظل اللغة العربية محفوظة بإذن الله بحفظ القرآن الكريم لها.. ومسؤولياتنا كأمة عربية وفي هذا البلد تحديداً تظل أساسية في تعميق حضور اللغة في كل حياتنا حتى وأن تطلعت أنظارنا وأذهاننا إلى تكنولوجيا الغرب والعالم لتكون لغة الضاد هي لساننا العربي الأصيل.