بدأ الآلاف من السعوديين في حزم أمتعتهم وتوضيب حقائبهم بعد أن اعتزموا تمضية فترة إجازتهم خارج أسوار الوطن ضاربين بذلك جل النداءات المطالبة بتشجيع ودعم السياحة الداخلية عرض الحائط في موسم الهجرة إلى الخارج بحثاً عن الترفيه والراحة والاستجمام ورغبة في غسل عناء وهموم عام كامل مليء بالعديد من المفارقات والأعباء على حد سواء . ومع بدء موسم هجرة السعوديين إلى الخارج بحثاً عن الترفيه والاستجمام تدفقت جموع المسافرين صوب مكاتب السفريات التي شهدت إقبالاً كبيراً كحالها في هذا الوقت من كل عام إلا أن أصوات الامتعاض من رفع أسعار تذاكر الطيران من قبل العديد من شركات الطيران الداخلية والخارجية تعالت داخلها دون أن يحد ذلك من انسياقهم تحت وطأة رفع السعر رغبة في الظفر بتذكرة في وقت تضاربت فيه الحجوزات وبات الظفر بحجز مؤكد أشبه ما يكون بضرب من ضروب المستحيل والخيال !. (الحجوزات للدول العربية مثل مصر والمغرب وسوريا ولبنان (فل) إلى آخر الصيف ) بهذه العبارة بدأ عبدالرزاق المدني الموظف بإحدى شركات السياحة والسفر حديثه إلينا مؤكداً أن الإقبال في ازدياد من السعوديين للسفر إلى هذه الدول مما تسبب في حجز مقاعد جميع الرحلات المتوجهة إليها إلى آخر الصيف مؤكداً أنهم يواجهون ألواناً متعددة من المعاناة اليومية وفصولاً متنوعة من الإحراج تجاه عملائهم الذين تسببت هذه الربكة في استحالة حصولهم على حجز مؤكد ليبقوا تحت مظلة الانتظار لعل الأيام تكون كفيلة بتأمين مقاعد لهم على متن تلك الرحلات الممتلئة !. ويضيف أن جموع المسافرين يشملون جل الشرائح المجتمعية في الأوساط السعودية إلا أن وجهاتهم تختلف فمثلاً نجد أن الشباب غالباً ما يفضلون المغرب ومصر وسوريا في حين قد تفضل بعض العائلات أرض الكنانة أو التوجه إلى دول شرق القارة الآسيوية كماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة في حين قد يفضل القلة التوجه إلى القارة الأوروبية ، إضافة إلى أن هدوء الأوضاع الأمنية في لبنان دفع بالعديدين إلى التوجه إليها من جديد بعد طول جفاء بسبب تذبذب الأوضاع الأمنية داخلها خلال الفترات الماضية . وكشف المدني عن قلة إقبال السعوديين على المجموعات السياحية مؤكداً أنهم يفضلون السفر فرادى أو كمجموعات مصغرة تضمن لهم مطلق الحرية في التنقلات داخل الدول التي يقصدونها . من جهة أخرى دافع إبراهيم طلال الذي يعتزم السفر إلى تركيا مطلع الأسبوع المقبل عن رغبته في السفر إلى الخارج واصفاً السياحة الداخلية بالمحتضرة كاشفاً النقاب عن تجربته خلال الصيف الماضي التي صرف خلالها مبلغاً طائلاً من المال في تنقلاته بين منتجعات جدة الساحلية ومطاعمها الفخمة يربو بكثير عما صرفه خلال سفرته في الصيف قبل الماضي إلى إحدى الدول العربية مؤكداً أنه في سفره إلى الخارج يجد العديد من وسائل الترفيه والتسلية وينعم براحة واستجمام بدلاً من الانتظار خلف أسوار المنتزهات المخصصة للعوائل والتي أحكم إغلاقها بوجوه الشباب لدينا واختصاص جل فعالياتنا السياحية على العوائل بعد أن ضرب جل المسؤولين عنها بمطالبات الشباب بحقهم في الترفيه والتسلية عرض الحائط . ويوافقه الرأي عمار جاها الذي حزم أمتعته استعداداً للتوجه إلى المغرب مؤكداً أن من المسلم به أن للسفر فوائد جمة وعديدة يجدها الراغب في السفر مما يشجعه بقوة إلى السفر إلى الخارج فضلاً عن اقتصار جل الفعاليات الصيفية والأماكن الترفيهية على العوائل بعد أن وضعت العديد من العراقيل والعوائق أمام الشباب مما يجبرهم على الهجرة إلى الخارج بحثاً عن أيام استجمام ولحظات ترفيه يغسلون خلالها هموم وعناء عام كامل . في حين أكد أحمد الكناني الذي قرر قضاء الإجازة في أرض الكنانة برفقة عائلته أن تنوع وسائل الترفيه وكثرة الأماكن السياحية وبخس الأسعار مقارنة بمثيلاتها لدينا تعد مغريات تدفعه إلى التوجه بعائلته إلى الخارج لقضاء جل فترات إجازتهم خارج أسوار الوطن . وتعددت مآرب المسافرين السعوديين ورغباتهم إلا أنهم اتفقوا في حديثهم على ما تفتقره السياحة الداخلية التي تكلف ميزانياتهم مبالغ طائلة لا تستحقها على حد تعبيرهم !. في حين دافع صالح الهذلي عن السياحة الداخلية منوهاً أنه من أنصارها نظراً لما تتميز به من أمن وأمان وتمسك بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة والأعراف الإسلامية القيمة التي تعد الخيار الأمثل للعوائل المحافظة على حد قوله . وبغبطة تحدث (عبدالرحمن الزهراني) قائلا: وفروا البديل المناسب في الداخل وستجدون النتيجة المرجوة فأنا بصراحة لست مستعدا لأن أفرط في اجازة العام.. وان أمكث في الدخل جائلاً في الطرقات أو متسكعاً على الأرصفة وفي المقابل (فرشة وفصفص وشاي) على قارعة الطريق أرقب المارة أو ألعب (البلوت) كون الأرصفة باتت المكان الوحيد المخصص للشباب، مضيفاً أن الاجازة تعني الخروج عن المألوف وقتل الروتين والبحث عن المتعة . للداخل.. أفضل ويرى سعد علي الحميد أن: أبرز سلبيات السفر تتمثل في كثرة الإنفاق خارج الوطن، وانخراط بعض الشباب الطائشين في بعض الأمور السيئة الضارة بهم.. والسفر للداخل أفضل بمراحل عديدة. ولكن إذا كان البعض يفضل السفر للخارج، فيجب أن يتم ذلك بعد زيارة مدن المملكة وقراها.. فالغريب أن البعض يعرف آثار ومعالم البلاد الأخرى ولا يعرف شيئاً عن آثار بلاده.. ويرى أنه للنهوض بالسياحة يجب أن يقوم المسؤولون ورجال الأعمال وأصحاب الفنادق بإجراء تخفيضات في مواسم السياحة بدلا من الارتفاع المستمر في الأسعار الذي يحدث في تلك الأوقات رغبة في استنزاف جيوب المواطنين المغلوبين على أمرهم !. التمسك بعاداتنا وتقاليدنا لا أحد ينكر الفوائد العديدة لتجربة السفر كما يقول سمير الشهراني: كالتعرف على شعوب أخرى بعاداتها وطباعها وطرقها في المعيشة على أنه ينبغي التسليم أيضا بأن للسفر مشاكله التي لابد للمرء من أن يتجنبها فليست كل عادات الشعوب وممارساتها يمكننا أن نتقبلها على الإطلاق ، فمنها السيئ ومنها غير المشروع وما لا يتفق مع قيمنا الدينية والأخلاقية والاجتماعية الأمر الذي يثير الدهشة بل والغيظ إن البعض ممن يسافرون إلى بلدان معينة ويعودون منها ببعض القيم السيئة ويرى فيها جديداً يستهويه ويحاول ترويجه بين أبناء بلده. ويضيف ولعل المريب في الأمر أننا نجدهم يظنون أن هذا دليل تقدم وحضارة.. مع العلم انه ربما لا يعرف من بلده سوى المدينة التي ولد بها أو ربما مجرد اسمها فقط !. وكانت وكالة رويترز قد أوردت قبل أسابيع خبراً مفاده عن توجه قرابة الخمسة ملايين سعودي إلى الخارج رغبة في قضاء إجازاتهم خارج حدود المملكة العربية السعودية في رغم تبرير الدكتور ناصر الطيار رئيس مجموعة الطيار للسفر والسياحة الذي أكد أن دخل المواطن السعودي يعد الأقل ضمن دخول مواطني دول مجلس التعاون الخليجي مشدداً على أن صناعة السياحة الداخلية السعودية لازالت تعاني من تأثير الانهيار الكبير الذي طال الاقتصاد السعودي بعد النكسة التي طرأت على سوق الأسهم السعودي العام المنصرم . مطالباً بضرورة مراجعة العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر على هذه الصناعة الوليدة من حيث البنى التحتية والأنظمة التي تحكمها فضلاً عن المناخ الاستثماري والمحددات الاقتصادية التي تواجهها إضافة إلى الثقافة المحلية التي لا زالت تطوق أداء هذه الصناعة وتحد من الكثير من الأنشطة والفعاليات التي تنقصها .