لمن لا يعلم، فالعبد الفقير "مبتلى" برئاسة جمعية علمية مهنية اسمها الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات (مقرها في تونس)، وهذه ليست دعاية شخصية بقدر ما هي مدخل لموضوع اليوم، حيث إنني كلما سمعت وقرأت عن مشكلات الاتحاديين فيما بينهم أدركت – ربما أكثر من غيري ممن هو مثلي بعيداً عن النادي- حجم ومرارة الخلافات. فالعرب لديهم مشكلات كبيرة مع التعاون والتعاضد ونكران الذات لمصلحة الجماعة، ولديهم مقدرة أكبر على الفرقة وتغليب المصلحة الذاتية فوق مصلحة الجماعة. هذه عشتها وأعيشها في "إتحادنا" الموقر منذ سنوات (ولعل من يريد أن يعرف أكثر عن هذا الموضوع يتابع نشاطات جمعيتنا أو يتصل بي شخصياً إذ هو خارج عن موضوع هذه الزاوية). ليس لدينا غضاضة في النقد والتجريح وبصوت عال، وقليل منا يمسك نفسه ليفكر قليلا: لعل له عذر وأنت تلوم! وكبار الاتحاديين في جدة – كما هو حال كبار اتحاد المكتبات العربي- يدركون جيدا أنه مهما بلغ الفرد من القوة والذكاء لا يمكن له أن يكون أقوى من المجموعة، وكما قال كين بلانشارد، صاحب النظريات الثورية في علم الإدارة ومؤلف كتاب مدير الدقيقة الواحدة، "ليس بيننا فرد واحد يبلغ ذكاؤه درجة أعلى منا مجتمعين". بل إن الكثير منا "أكثر قدرة من بعضنا.. ولكن ليس منا من هو أكثر قدرة منا جميعًا"، كما جاء على لسان توم ويلسون زيجي. ومن باب فإن الذكرى تنفع المؤمنين نقول بأن "مجموع طولي أي ضلعين في مثلث أكبر من طول الضلع الثالث" كما هو مبينا في النظريات الشهيرة الخاصة بالمثلثات، حيث يستحيل أن يوجد أي مثلث طول الضلع فيه أكبر من مجموع طولي الضلعين الآخرين، وإذا كان طول ضلع واحد لا يستطيع أن يساوي طول ضلعين معًا؛ فكيف به أمام آلاف من الاضلاع المجتمعة معًا؟ يتفق الجميع معك - نظريا - حين تناقشهم، بل سيفصلون لك في الحديث ويبسطون في القول، وربما أضاف لك أحدهم بأنه " لا يمكن لضلع واحد أن يكون له وزن أو مقدرة لمواجهة آلاف الاضلاع فضلا عن التغلب عليها، مما سيؤكد بأن قوة الفرد لا وزن لها ولا حساب أمام قوة المجموع". قيمة الجماعية يدركها الجميع بمن فيهم من يخالفها، لكن المشكلة هي الذاتية الطاغية، ومبدأ "أنا ومن بعدي الطوفان" الذي يطغى على تصرفات كثير من ذوي الشأن في البيت الاتحادي. ومن الطبيعي أن يتمايز البشر في ذكائهم وأفهامهم وأملاكهم وقدراتهم، فذلك مما فضل الله به بعضنا على بعض، ولكن ليس هناك شخص واحد يمكن أن يكون أفضل وأقوى وأفهم وأقدر منا مجتمعين كما جاء على لسان مايكل نولان "هناك من هو أذكى وأبرع من أي شخص فينا وهذا هو (نحن) جميعًا". بمعنى أن (نحن) أفضل من أي فرد منا، حتى لو كان الأفضل والأقدر مقارنة بأي منا. وكما قال أيضا دان زادرا بأنه "لا أحد يستطيع أن يكون الأفضل في كل شيء. ولكن عندما نوحد مواهبنا جميعًا، نستطيع أن نكون الأفضل في كل شيء تقريبا". لدينا تضحية –وربما إيثار في كثير من الأحيان- فيما بيننا على مستوى الفرد، لعلي أتطرق لها لاحقاً إن شاء الله. ولكن يا ليت أن يكون لها دور أكبر عندما نعمل كفريق، وليكون لها الدور الأهم لمصلحة الجماعة[email protected]