كثيراً ما تتفاجأ المعلمة والأسرة بأن الطفل المستجد الذي يقبع في الفصل أمامها يعاني من صعوبات متعددة في السمع والبصر والنطق وربما من ضعف قدرته على الاستيعاب والفهم مما يجعلنا نتساءل بدهشة ما أهمية تلك الفحوصات الطبية التي أجريت له داخل الوحدة المدرسية وهل هي تحصيل حاصل فقط من أجل تعبئة السجل المدرسي واستكماله؟! أم أنه بسبب انعدام الخبرة والتخصص لدى الطبيب الذي أشرف على فحص ومعاينة تلك الحالة والذي لا يملك الخبرة اللازمة التي تؤهله إلى اكتشاف تلك الإعاقات في مرحلة مبكرة وقبل الدخول في المدرسة من أجل الحيلولة دون دخول الطفل إلى مدرسة حكومية عادية رحمة بحاله ومعاناته ومعاناة أسرته والتي قد يدخلها ذلك في مهاترات مستمرة مع المدرسة نتيجة قصور الطفل وتأخره دراسياً عن أقرانه من هنا تنبع أهمية إرسال الطفل إلى مستشفيات حكومية تتولى مسؤولية الكشف الطبي على الطفل كل حسب الحالة عبر وذلك الأجهزة المتطورة والتي تستخدم عادة في المراكز المتخصصة في مجال الإعاقة من أجل قياس درجة الذكاء وفحص السمع والبصر والنطق من أجل تحويل الطفل إلى الجهة المدرسية والتعليمية المناسبة لحالته. متأخرون دراسياً وحول هذا الموضوع تحدثت إلينا الأستاذة هويدا محمد خوج معلمة في المراحل الإبتدائية بمكة المكرمة تقول طيلة فترة عملي في مجال التربية والتعليم وحتى الآن كثيراً ما ألاحظ وجود بعض من الطلاب المتأخرين دراسياً بسبب وجود إعاقات لديهم قد تتمثل في ضعف البصر أو السمع أو ثقل اللسان وعدم القدرة على نطق الحروف أو حتى تكوين الجمل المناسبة وأغلبهم يعاني من ضعف وعدم المقدرة على الاستيعاب والفهم أو ما نسميه التخلف العقلي البسيط. وهذا بدوره يؤدي إلى الإضرار بنفسية الطفل المريض والذي سيدخل في مصاعب متعددة ومشاكل هو في غنى عنها بسبب البيت والمدرسة وكل منهما يطالبه بمالا يستطيعه وبما يفوق حجم طاقته ومقدرته العقلية والنفسية والتي هي بحاجة إلى علاج ودعم وتفهم من قبل المراكز المتخصصة بعلاج ذوي الاحتياجات الخاصة. والمشكلة التي نعاني منها أثناء تواجد مثل هؤلاء الطلاب المستجدين بين صفوفنا تتعلق بأسرهم والتي ترفض المصارحة أو الحديث في مثل هذا الأمر الذي تعتبره خادشاً ومحرجاً لكرامتها وكبريائها بل وترفض الاعتراف به أيضاً مما يجعلها تكابر وتلقي بكافة اللائمة على المدرسة وتطالب طفلها بالمزيد من العطاء والتفوق مما يتعارض مع قدراته النفسية والعقلية غير القادرة على التجاوب والعطاء. وأنا اقترح أن يتواجد في كل مدرسة طبيبة متخصصة ذات تأهيل عالي المستوى من أجل الكشف على الطلاب المتأخرين دراسياً لمعرفة الأسباب الكامنة وراء ذلك وهل هي نفسية أم ناتجة عن اعاقات متعددة في السمع والبصر أو النطق أو ضعف في قدرة الفهم والاستيعاب. ضعف بصري شديد وخلل في السمع الأستاذة سلمى عبدالرحيم بخاري معلمة صفوف أولية تقول: كثيراً ما يتواجد بين الصفوف المدرسية طلاب من مثل هذا النوع واذكر حالة لطالبة مستجدة قمت بتدريسها داخل الفصل الخاص بي ورغم ما كنت أقوم به من جهد وما أبذله من تعب وعناء في سبيل العلم والتعلم داخل الفصل إلا أن كل هذا لم يأت بنتيجة مع تلك الطالبة الصغيرة والتي لا تعلم عما يدور في عالمها المحيط شيئاً مما اضطرني لاستدعاء والدتها حيث نصحتها بضرورة عرضها على طبيب متخصص في أمراض العيون والذي أكد من خلال الفحوصات أن الطفلة تعاني من ضعف شديد في بصرها أدى إلى اختلال السمع مما اضطره إلى اعطائها نظارات طبية أعادت لعقلها التوازن المطلوب بل ولنفسيتها أيضاً فهذه الطفلة الكئيبة تغيرت تماماً بعد ارتداء النظارة وأصبحت أكثر شقاوة. الطفل المصاب بالإعاقة لا يعي ما يحدث له من مشاكل وكل ذنبه أنه قد ولد وهو مبتلى بالعديد من الاعاقات البسيطة والتي يصعب اكتشافها إلا على طبيب متخصص ومتمرس في كشف مثل هذه الاعاقات البسيطة والتي تؤدي إلى حدوث الكثير من المشاكل والمتاعب النفسية والاجتماعية للطفل الذي تعامله أسرته على أنه طفل عادي تساهم الاجراءات الروتينية العقيمة المتبعة في الفحوصات الطبية بداخل الوحدة المدرسية إلى تمريره لداخل المحيط المدرسي بعد تجاوزه لنتيجة الكشف الطبي العشوائي. التعثر الدارسي وتدلي الأستاذة ميمونة الأحمدي مديرة إحدى المدارس الابتدائية بقولها هناك الكثير من الطالبات يعانين من مشكلة التعثر الدراسي وبطء الفهم وعدم المقدرة الاستيعابية والتركيز أثناء شرح أو مذاكرة المواد الدراسية فنراها بليدة وكسولة داخل الفصل وغير قادرة على استيعاب المناهج الدراسية مما يؤدي إلى اخفاقها المستمر لعدة سنوات أخرى في المرحلة نفسها وهذا يؤدي إلى نفورها وخروجها المبكر من الدراسة نتيجة لما يواجهها من ضغوطات واحباطات متكررة بسبب الفشل وغضب الأسرة والتي تتنوع ردود أفعالها بحسب علمها وثقافتها وقد تصل ردود الأفعال إلى حد الضرب والتوبيخ والحرمان. أغلب الطالبات اللاتي يعانين من مثل هذه الاعاقات البصرية أو السمعية أو أو العقلية البسيطة والتي لا يتم اكتشافها بالطرق العادية إنما من خلال المعايشة والاختلاط والأخذ والعطاء داخل الصف المدرسي مما يؤدي إلى خلق شيء من التوتر والاختلاف بين المنزل والأسرة وكل منهما يلقي بالمسؤولية على الآخر نتيجة لجهلهم الشديد بالحالة والتي يظنون أنها مجرد كسل واهمال وتراخ من قبل الطرفين المنزل والأسرة. أغلب الطالبات ولله الحمد تحسنت حالاتهن الصحية بعد ارتداء النظارة الطبية أو السماعة والبعض الآخر تم نقله إلى مراكز متخصصة في مجال الإعاقة بعد تفهم أسرهم وتقديرها للظروف المدرسية التي أجبرتهم على تحويل الطالبة إلى تلك المراكز الخاصة. أتمنى أن تقوم المسشفيات المتخصصة والتي تتوفر بها كوادر طبية متخصصة ومؤهلة إلى جانب أجهزة متطورة تساهم وإلى حد كبير في اكتشاف مثل هذه الاعاقات في وقت مبكر قبل السماح للطفل بدخول المدرسة وتوفير الكوادر الطبية المتميزة والأجهزة الطبية ذات التقنيات العالمية حتى نتمكن من تلافي مشكلات صعوبة التعلم والتي يعاني منها 3% من أطفالنا في مختلف مراحلهم العمرية والدراسية. التراضي هو السبب الدكتورة هنية الصواف كانت تعمل في الوحدة الصحية المدرسية بجدة أجابت على تساؤلاتنا بقولها أغلب الأطباء العاملين بالوحدات الصحية المدرسية سابقاً من ذوي الخبرة والاختصاص والكفاءات العالية والتي لا تنطلي عليهم مثل هذه الاعاقات حتى ولو كانت من النوع البسيط جداً والذي ليس له أعراض ظاهرة ولكن الكمال لله وحده فقد يوجد من الأطباء داخل تلك الوحدات الصحية المدرسية من يتراخى ويتهاون في أداء عمله أثناء فحصه للطالب المستجد الراغب في دخول المدرسة وقد لا يمكنه ذكائه ولا مؤهله التعليمي ولا تخصصه من اكتشاف الحالة أثناء عملية الفحص والمعاينة اما عن جهل أو اهمال وأرى أن مثل هذه الحالات يجب أن تخضع هي وغيرها من الطلاب المستجدين إلى الكشف من قبل طبيب متخصص في علم الإعاقة إلى جانب طبيب العيون والمسالك التنفسية أذن وحنجرة لمعرفة المناسبة لحالته أو معالجتها بشكل سريع إذ استدعت تلك الحالة العلاج أغلب اعاقة الأطفال تتمثل في ضعف البصر وهذا بدوره يؤدي إلى إضعاف قدرة السمع مما يسهم في عدم استيعاب الطفل للمنهج الدراسي وهذه الحالة من الممكن علاجها وتصحيحها في وقت قياسي وهناك حالات التخلف العقلي البسيط والذي يؤدي إلى بطء الفهم وثقل اللسان ويحتاج إلى مراكز متخصصة ومدارس خاصة. انخفاض مستوى التحصيل الدراسي الدكتورة مي رشوان متخصصة في مجال الاعاقة فتقول: هناك الكثير من الأطفال يحملون ذكاء متوسطاً أو فوق المتوسط ويعانون من انخفاض مستوى التحصيل الدراسي وهذا الانخفاض غير مرتبط بالاعاقة العقلية أو الجسمية أو السمعية أو البصرية كذلك الأطفال الذين لديهم صعوبات التعلم نجدهم يعانون من انخفاض عام في تحصيل المواد الدراسية وانخفاض التحصيل ولكن الفرق بينهما هو أن الطفل الذي يعاني من صعوبة في التعليم يتمتع بقدرة عقلية تقع ضمن المتوسط أو أعلى من ذلك ولا يرتبط انخفاض تحصيله باعاقة عقلية أو حمية أو سمعية أو بصرية أما الطفل الذي يعاني من تأخر دراسي فلديه قصور في نسبة الذكاء وخصائصه تختلف عن خصائص ذوي صعوبات التعلم وعن الخطة المقترحة لعلاج حالات صعوبات التعلم قالت: العمل أولاً على تنمية المهارات الأساسية لدى ذوي صعوبات التعلم مثل المهاترات السمعية البصرية المهاترات التعليمية مهاترات التحكم الذاتي. تقديم المساعدات الأكاديمية للطلاب ذوي صعوبات التعلم حسب طبيعة احتياجاتهم. اعداد وتصميم البرامج التربوية التي تتلائم مع خصائص كل طالب من الطلاب المستفيدين من غرفة المصادر، وهذه الغرفة تم اعدادها لمثل هذه الفئة وتتميز بمواصفات خاصة ويتم تجهيزها بجميع الوسائل التعليمية المساعدة على توصيل المعلومة ويقوم فيها المعلم بتطبيق الخطة التربوية الفردية الخاصة لكل طالب حسب الفروق الفردية ولا شك أن للأسرة دوراً هاماً في متناول تلك الظاهرة بكل الاهتمام والرعاية حيث ان محاولة علاج تلك العيوب في وقت مبكر تؤدي إلى نتائج مرجوة.