جاء رمضان، وأسأل الله أن يبلغني وإياكم صيامه فتُغفر الذنوب وتُستر العيوب، وتُقال العثرات، والدروس كثيرة في رمضان، كيف لا ؟ ورمضان مدرسة من أعظم مدارس الإسلام ، ومن تلك الدروس العظيمة والمستفادة من رمضان : الشعور بالجسد الواحد، فبالصيام يشارك المسلم إخوانه المسلمين أحوالهم، إذ قد يجوعون طوال العام، ولا يجدون ما يلبسون فضلاً عما يأكلون ويشربون لفقرهم، وقلة ذات يدهم، وهو ترك طعامه وشرابه من أجل الله، عن طواعية واختيار، لصومه، ولذا، وشعوراً بهذا الجسد الواحد، ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يأتيه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة)، فما أعظمه من درس ؟! وما أجمله من شعور يجعلنا نحن أمة الإسلام (كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) ونكون جميعا (كالبنيان المرصوص)، فيواسي بعضنا بعضاً، ويشد بعضنا من أزر بعض، فتعم الرحمة، وتفشو المحبة، ويزيد الخير، ويفرح الجميع. وقدر الله أن اجتمعت بأحد الموسرين قبل أيام، وكان يشكو من كثرة ورود خطابات الجمعيات الخيرية على صندوق بريده، والتي تكثر في شهري شعبان ورمضان، بقصد طلب الدعم والتبرع، وقال : لا أخفيك سراً، أني أجمعها ولا أفتح واحداً منها، ثم أدفعها للعامل ليضعها في (الفرامة : قطاعة الورق) وأقول : ( بحمد الله هذا موقف فردي، وقد يكون الوحيد، وبلادنا وتُجارها، بل وعامة أهلها بخير، وهذا شأن المسلم )، فأحزنني صنيعه هذا، وحزنت له، لا عليه، فقلت له : قال صلى الله عليه وسلم : ( الكلمة الطيبة.. صدقة ) رواه البخاري ، وهذه الجمعيات رسمية، ومصرح لها، وتتبع وزارات الدولة، الإسلامية والاجتماعية، ودورها وأثرها بارز وملموس للجميع، ومنها، من يُعنى بالقرآن وأخرى بالدعوة إلى الله، ودعوة الجاليات، وثالثة بتزويج الشباب والفتيات ورابعة بكفالة الأيتام وخامسة برعاية الفقراء والأرامل وسادسة بعلاج المرضى والمعاقين وسابعة ببناء المساجد وحفر الآبار وثامنة بتفطير الصائمين، وغيرها الكثير، وقلت : مواصلاً حديثي معه، لا تتبرع لهم، ولكن اطلب من سكرتير مكتبك، أن يكتب خطاباً موحداً يرد فيه على جميع من أرسل إليكم، وأمٌل الخير فيكم ( وهو موجود )، يكتب في هذا الخطاب : وصلني خطابكم، ونشكر لكم جهودكم في خدمة مجتمعنا، ونحن معكم ونضع أيدينا في أيديكم، داعين الله لكم، أن يكلل مساعيكم بالنجاح، والسلام، محبكم وراجي الخير لكم : التوقيع، ويضعها السكرتير في ظروف وتعاد على نفس العناوين، أجزم أنها ستقع في النفوس بموقع، وهي تبرع سخي عظيم، فالكلمة الطيبة صدقة، فأطرق صاحبي يفكر ؟ ! ولنا أن نفكر جميعاً في هذه الصدقة، التي لا تكلف شيئاً، ولكنها تضمنت إحساناً وشكراً ودعماً وتحفيزاً وتشجيعاً لا محدوداً، وكُتبت في موازين الحسنات، وأعلم عن صاحبي تحديدا، أنه يستطيع بعد ظهر اليوم الأول من رمضان وبعد قراءة ورده من القرآن، أن يدخل على حسابه الإلكتروني ويضيف إلى قائمة المستفيدين لديه، أرقام حسابات الجمعيات التي أرسلت إليه من واقع مطبوعاتها، ويرسل لكل جمعية 100 ريال، وهب أنها 30 رسالة ل 30 جمعية، سيكون مجموعها 3000 ريال، تكون سبباً في حفظ طفل للقرآن، وهداية إنسان للإسلام، وإعفاف شاب وفتاة، وكفالة يتيم، وسد جوعة فقير، وعلاج مريض، وبناء مسجد، وحفر بئر، وتفطير صائم، كما تكون في موازين حسناته، وسبباً في دخوله الجنات، وبلوغه أعلى الدرجات، وصحةً في بدنه، وبركةً في عمره وعمله، وصلاحاً في ولده، وسعةً في رزقه، ولن ينقص من ماله شيء، ( بل تزيده، بل تزيده )، وفقنا الله لعمل الصالحات، واكتساب الحسنات، والكلمة الطيبة.. صدقة.