بكتيريا الإي كولاي أو كما يسميها البعض (بكتيريا الخيار) كشفت عن انتشار وبائي جديد يهدد العالم وأعادت للذاكرة الانتشار المخيف لفيروسات السارس وانفلونزا الطيور والخنازير ولكن تكمن مشكلة هذا الضيف البكتيري الجديد في مقاومته لجميع المضادات الحيوية. تكافح هذه البكتيريا بضراوة من أجل البقاء لتقتل حتى الآن خمسة وعشرين شخصاً من سبع دول أوروبية هي ألمانيا والنمسا وبريطانيا والدنمارك وفرنسا وهولندا والسويد وسويسرا وتصيب 2400 آخرين يعانون من أعراض أقلها النزلات المعوية المصحوبة بالدم وأكثرها الفشل الكلوي والوفاة، بل وجاوزت القارة العجوز لتصل بدائها إلى الولاياتالمتحدة بثلاث إصابات ارتحلت مع بعض السياح الأوروبيين. كشفت هيلدي كروزه المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي فصيلة هذه البكتيريا بالتحديد وأنها من النوع (enterohaemorrhagic Escherichia coli (EHEC) 0104:H4) بمعنى البكتيريا المعوية المسببة للاسهالات الدموية ولكن هذا التحديد لم يكن كافيا لكشف لغز هذه البكتيريا وسبب انتشارها ولكن بات واضحا أنها سلالة جديدة من بكتيريا مهجنة تحمل جينات نوعين من البكتيريا قد وُلدت وهي آخذة في الانتشار. هذه الطفرات الجينية من الأمور التي تحدث في الطبيعة بشكل مستمر ولا يمكن السيطرة عليها كما قال ذلك البروفيسور بيترز مدير معهد علم الأحياء الدقيقة في جامعة مونستر الألمانية وكان ممن فك الشفرة الوراثية لبكتريا إي كولاي النزفية المعوية. للتعرف أكثر على سبب هذا الذعر الذي سببته هذه البكتيريا توجهت للبروفيسور ماثيو أوبتن المحاضر في كلية الطب في جامعة مانشستر لأسأله عن ذلك فقال (هذه البكتيريا لها خاصية جينية معقدة بحيث تمكنها من اكتساب جينات مقاومة للمضادات الحيوية من فصائل بكتيرية أخرى خلال دورة حياتها، وهذه التركيبة الجينية الجديدة أدت إلى فشل المحاولات العلاجية باستخدام المضادات الحيوية التي كانت تتركز حتى الآن على جانب واحد من هذه التركيبة الجديدة والتي تقاومها البكتيريا بكل براعة واقتدار، ولا تزال المحاولات العلاجية يائسة في البحث عن علاج مناسب لهذه البكتيريا الغامضة. بعيدا عن المشادات السياسية بين اسبانياوألمانيا وبعيدا عن المتعلقات الاقتصادية بالموضوع والتي تقدر خسائرها بقرابة 300 مليون دولار أسبوعيا، فإن الموضوع من الناحية الطيبة له أبعاد مهمة. إي كولاي هي نوع من البكتيريا تعيش في أمعاء الإنسان والحيوان بشكل طبيعي، قد تكون غير مؤذية، ولكن يمكن لبعض سلالات هذه البكتيريا أن تفرز نوعاً من السموم تسبب حدوث إصابة مفاجئة للكلى لتؤدي إلى فشل كلوي قد يؤدي للوفاة، علاوة على ذلك فقد تتسبب سُميّة هذه البكتيريا بفقر الدم جراء تدمير كرات الدم الحمراء في الدم ونقص الصفائح الدموية لتعتبر إحدى الوبائيات المخيفة التي تسبب مرضاً مميتاً بين البشر، كما أن هذه السموم من جهة أخرى تُفرز داخل الأمعاء فتؤدي لحدوث إسهال دموي حاد واضطرابات عصبية وبالتالي تحدث وفاة للمريض. وعادة ما يصاب الناس بهذه البكتيريا بعد أكل الخضروات المزروعة في الأراضي الملوثة بمياه المجاري من الفضلات الآدمية والحيوانية أو مخصبة بالسماد الحيواني الملوث. وقد تم ربط العديد من الحالات المصابة في ألمانيا بسبب تناولهم للخيار العضوي والذي يقال إنه تم استيراده من إسبانيا، ومع ذلك، فإنه ما يزال من غير الواضح ما إذا كان الخيار هو المصدر الأصلي للبكتيريا لأنه في كل يوم تطالعنا وسائل الإعلام بمصدر جديد لهذا الوباء والتي آخرها أن مصدر البكتيريا هو اللحم الحيواني. أخيراً تكمن الوقاية المنزلية في غسل الخضراوات والفواكه التي تؤكل نيئة بشكل جيد وغسل اليدين قبل تناول الطعام وبعد التعامل مع اللحوم النيئة، ثانيا التأكد من وضع درجة حرارة الثلاجة في المعدل الصحيح لحفظ الطعام وهو يتراوح ما بين 0 – 5 درجات مئوية لأن البكتيريا تنمو مع ارتفاع درجات الحرارة لذلك يجب أن تحفظ الأطعمة دائماً في الثلاجة. ثالثاً الطبخ ضمن درجة الحرارة الصحيحة التي تقتل البكتيريا ويجب أن تصل درجة حرارة الطعام أثناء الطهي إلى70 درجة مئوية في مدة لا تقل عن دقيقتين وخصوصاً لحوم البقر والضأن.