في بداية حديثنا عن التدريب وتوظيفه بروح جديدة.. ولماذا تصر عليه المنظمات الدولية للعمل، مثل منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية أطرح السؤال التالي: هل تحقق مؤسستك نتائج باهرة من خلال تحسين اداء العاملين بها، أم انها منهمكة في النشاط التدريبي فقط؟ وللاجابة نقول : نفترض ان مؤسستك قد استثمرت مواردها الاقتصادية بفعالية منقطعة النظير مدفوعة بسياسات رشيدة، وأنها قد دخلت عصر المعلومات من أوسع أبوابه.. وانها .. وانها.. فهل يعني تحقق هذه الفرضيات بالعشرات انها اصبحت مؤسسة ناجحة، للاسف ان الاجابة ستبقى (لا) لماذا؟ لأنه من المستحيل تحقيق واحدة من تلك الافتراضات اذا لم يتغير الانسان، فالانسان يتغير من الداخل للخارج وليس العكس، وهذا ما يُطلق عليه خبراء التنمية البشرية التدريب المستمر. اذن فالتدريب احدى الوسائل الهامة لتنمية القوى البشرية وتوظيفها في وجود مواد الطبيعة وتحويلها الى منتجات نافعة للحياة، لذلك تأثرت المنشآت المختلفة وبرامجها التدريبية بعدة اتجاهات في عصر العولمة جعلت العاملين في حقل التدريب يعيدون النظر فيما يفعلونه ويواجهون السؤال التالي: لماذا نحتاج الى تجاوز نطاق التدريب كاستراتيجية تغيير منفردة، والتركيز بدلاً من ذلك على الارتقاء بالاداء البشري؟ وتأتي الاجابة سريعة بأن التدريب يدور اساساً وابتداءً حول ان البشر هم الثروة الحقيقية للأمم، وان تنمية الاداء البشري هي عملية توسيع خيارات البشر. وفي هذا الاطار جاءت ردود خبراء تنمية الموارد البشرية في أربعة اتجاهات مؤثرة هي: | الحاجة الى مواجهة التحدي في مسايرة التغيير السريع في البيئة الخارجية. | بذل الجهود لارثاء قواعد عمل ذات اداء مرتفع من شأنها الارتقاء بالاداء البشري. | تنظيم انشطة العمل بأساليب ابداعية على نحو متزايد مع التركيز على مفهوم (الفريق) والموارد.. والجهد. | ادراك الموظفين والعاملين ان عليهم اعداد انفسهم للارتقاء المستمر بكفاءاتهم في وقت وجيز. وهكذا حان الوقت للخروج من الأسلوب التقليدي للتدريب كاسلوب للعلاج السريع الى مجال توظيف روح جديدة تقوم على وضع استراتيجيات تحسين الاداء البشري، كما آن الأوان للتركيز على الدور الاستراتيجي بعيد المدى لمجهودات الاداء البشري وتقديم مساعدة غير مسبوقة لتحويل العاملين بمهنة التدريب والتنمية الى اخصائيين فنيين في الاداء البشري قادرين على أن يمنحوا منشآتهم عمقاً وقيمة اكبرعلى ضوء نموذج كفاءة جديدة تتميز بالجودة العالية لمهنة تحسين الاداء البشري. وانطلاقاً مما سبق نقول ان التدريب مهنة لها اصول وقواعد ومبادىء وقيم عمل تحكمها وتضع مسارات التقدم بها، وهي تخضع دائماً للتطوير والتحسين المستمر. لذلك اقول بكل صراحة وموضوعية انه لنجاح عملية المتدرب يجب توافر المبادىء الحاكمة في ادائها وهي: 1 كلما قلت الفترة الزمنية بين وقت التعليم او التدريب وبين وقت التطبيق، زادت امكانية تطبيق المتدرب لما تعلمه من النشاط التدريبي والعكس صحيح. 2 مبدأ المشاركة بمعنى كلما زادت مشاركة التدريب في العملية التدريبية زادت استفادته منها، وهي ما يعني ضرورة الاعتماد على أساليب التدريب بالمشاركة. 3 واقعية المادة التدريبية من حيث ارتباطها بخبرة المتدرب وطبيعة عمله، فكلما زاد الارتباط بين ما يتلقاه وبين واقعه الوظيفي، كلما زادت استفادته من العملية التدريبية. وبالاضافة الى ما ذكرناه آنفاً فانه لصيانة مستقبل التدريب في المملكة وهي تخطو الى الدخول في السوق المنافسة العالمية .. فاننا نحتاج الى دراسة العديد من السيناريوهات الخاصة بالتدريب بروح جديدة وذلك من خلال ثلاثة محاور رئيسية: 1 تسهيل الحصول على المعرفة التدريبية من مصادرها العالمية المتعارف عليها من مشاركاتنا في منظمة العمل الدولية وتواجدنا الفاعل في اجتماعات منظمة العمل العربية. 2 زيادة المعرفة بادوات قياس جودة التدريب والعمل على تعلمها واقتنائها وتوثيقها وتطبيقها.. وذلك بالنسبة لعناصر العملية التدريبية المختلفة (المدرب، المتدرب، الوسائل، الاساليب، البرامج، الجهات، المسؤولين، الخ). 3 ضرورة توطين التكنولوجيا المعرفية بالسرعة اللازمة من خلال التقنية المعرفية الحديثة للتعلم واقتناء واستيعاب الآليات الخاصة بها. ان المملكة تحتاج المستقبل وهو في نظري ليس سهلاً، فان توظيف الروح الجديدة للتدريب ينبغي توظيفها توظيفاً صحيحاً، وان معايشة المحاور المذكورة سابقاً لا يعني فقط أن نعرفها، بل ان نمارسها لتكون نقطة البداية الحقيقية للتحرك على الطريق السليم، فهي ليست كبسولة يمكننا ابتلاعها لمرة واحدة لتصبح أكثر مناعة ضد الفشل في العملية التدريبية، بل هي مرحلة طويلة لرحلة نعيشها كل يوم تبدأ بالمبادرة وتنتهي بالنجاح، انها رحلة تستحق المغامرة من أجل توظيف الروح الجديدة للتدريب.