كل ما يحدث في الساحة الاجتماعية والعملية والثقافية والعلمية والإبداعية من حراك يتم التسويق له والتغني به؛ هو في حقيقة الأمر وبوضوح شبه حراك أو حراك بطيء ومتعثر من مفهوم السرعة والتسارع والانجاز والتغيير والتطوير المستمر، لأنه لم يرق إلى مستوى التطلعات والنماذج العملية التي ينبغي أن تصل إليها مخرجات الحراك الحقيقي المتجدد السريع في القرن الواحد والعشرين الذي يمارسه الآخرون في هذا الكوكب، أي بمعنى آخر يطرح في سؤال؛ لأي مدى تفكيري ونضجي وتحليلي مستقبلي قد وصلنا إليه نحن في مجتمعاتنا العربية عامة في فهم الحاجة الماسة إلى التغيير؟ ولأي مدى أيضا وصلت إليه عقولنا لفهم أهمية الخلاص من الأوهام المسيطرة على حياتنا والاعتقاد في بقاء قدرتها لاجتذابنا في حلقتها المفرغة كالمغناطيس؟ ما يؤجج العملية التغييرية ويضعها في قلق وفوضى وتردد في المجتمع، الخوف الذي استأسد وشاك وتوحش لدى عقلية الرجل عبر الزمن من قناعته الداخلية وتجربته وإحساسه بقدرة المرأة في بسط ومد يدها بقوة لدفع العملية التغييرية لو تم الفسح لها بالطريقة التي لا يمكن للرجل لاحقا أن يلحق بها وينافسها فيه، وليس الخوف من الانفلات الأخلاقي بحد ذاته الذي يدعيه الرجل دوما ويستميت لإثباته والتهويل منه، لان العزل والكبت الذي مورس على المرأة عبر الزمن، كفيل أن يخلق حالة إيجابية من الغليان والانفجار المعرفي والإبداعي وحتى الأخلاقي والتهذيبي لديها بنسب أعلى بكثير من الحالة السلبية التي يتصورها الرجل كنتيجة للعزل الموجه بشكل معين يخالف ما هي عليه طبيعة الحياة في المجتمع، من بروز تناقضات متكررة تخص المرأة وحياتها وتعاملاتها اليومية مع الرجل سواء في الأسرة أو في المجتمع وإظهارها بالصورة المخيفة التي يمكن أن تؤول إليها نتيجة التغيير. فالمرأة موجودة في كل مكان ولا يمكن كبح يدها إلى الأبد من قيادة حياتها بنفسها في تخلصها من التبعية المفرطة في كل صغيرة وكبيرة على الرجل وبدون تحرر وخروج عن التعاليم الدينية والاخلاقية، بالرغم أن التبعية المثالية المتبادلة موجودة بين الرجل والمرأة ولا يمكن أن تدوم الحياة وتستقر الأسرة وينمو المجتمع إلا بهما وبنضجهما وحراكهما سويا، فالأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق. فلو افترضنا جدلا أن يد المرأة مشلولة وخارج الخدمة وبمعدلات متفاوتة من مجتمع لآخر؛ فعلينا أولا أن نحدد المواقع التي لا تعمل فيها يد المرأة وثانيا تحديد الأسباب الواضحة التي أدت لعزلها ووضع يدها خارج الخدمة مع تحديد الوضعية الزمانية لليد وحركتها، سواء المؤقتة أو الدائمة، حتى يتسنى الخوض لاحقا في جذور الأسباب لاجتثاثها ورأب الفجوات والصدع لحلها وتحريك يدها بعدما شلت، وليس البناء على الأوهام المخيفة والبعيدة عن حقيقة الدراسات والتحليلات المنطقية لتفكيك العقد والمعضلات. فقضية منال الشريف لقيادة السيارة بيديها ورجليها في الخبر التي ظهرت خلال هذه الأيام وما تبعها في الرس، أظهرت نفورا واستنفارا لا مثيل له على جميع الأصعدة دون تحديد، وأخذت مناحي متصاعدة مليئة بدراما لفلم نهايته حزينة ومؤلمة، باحث معالجة المواد بالليزر – أخصائي تطوير صناعي مستمر [email protected] تعد جزءا بسيطا من عملية شائكة ومتجذرة قديما بالأوهام والعادات والخوف المستأسر للنفوس تمنع استخدام المرأة ليديها ورجليها أيضا في القيادة والتحرك في أصعدة ونشاطات متعددة كثيرة، ولا أعتقد أن تهويل خطورة قيادة منال من قبل البعض قد أحرجنا، لان الموضوع قديم وليس مخفيا لا في الداخل ولا في الخارج وسوف ينتهي بزوال السبب كالمعتاد ويذوب كما يذوب الجليد بسرعة وقت الصيف، ونحن بالفعل في الصيف وعقولنا مشتتة ونريد الهروب من القيظ قبل أن يفسد البيض، وإن أردتم محاسبتها وجلدها في سوق نسائي كما ورد؛ فما دور الصحافة والإعلام الداخلي في إبرازها لخارج نطاق الفيس بوك؟ وللاستفادة من هذا الحدث، ليتكاتف المجتمع ويضع يد المرأة وعقلها في النهاية في اختبار ومحك ويدعمها ويشد أزرها بدلا من شطبها وعزلها بعد ما انبثق أمل نموها ونشاطها، لتبدأ ترتب أوراقها بهدوء وبطرق حضارية ومقننة ومنظمة ترتيبيا بما لا يمس أنوثتها وحياءها وأخلاقها، ويجبر الرجل مع الوقت على احترامها والسماع لها بهدوء، وليس بطرق اعتباطية وعشوائية غير مدروسة دراسة وافية، على أن تكون ذات أبعاد استراتيجية متعددة للخروج من الأزمات التي عادة تواجه التخطيط. وللأسف كل ما يحدث من حراك أو تغيير في مجتمعنا في معظمه لا يحوي الكثير من الدراسات الوافية والمستفيضة ذات الحلول البديلة حيال التعرض للازمات والتعثر، والذي يغلب عليه إما الفوضى والتبرير للفوضى للسيطرة عليه ممن يعارضون التغيير أو بث الفقاعات التسويقية التي ما تبرح تنفقع وتزول بسرعة وتطوى في بكرة النسيان، والأدهى والأمر أن الطي هذا يتم ربطه بالتغيير كجزء من العملية التطويرية والتحديثية للتمويه عن الفشل والتسرع، وهكذا يعيش الحراك والتغيير حالة من الجمود المفبرك والمستنزف على هيئة ديناميكية تدور في حلقات مفرغة.