(1) | في صبيحة يوم الاربعاء 15/6/1432ه دوى في الجزيرة العربية وليس البلاد فحسب نبأ وفاة العلامة الرمز عبدالله بن محمد بن خميس الشاعر والباحث وعالم الدين والجغرافي والمحيط بشاعرية المكان ذلك العملاق الذي تخطى العديد من المشاق ورفع الصوت الاصيل لكل من يقدر الامانة ويتمثل البعد الموغل.. لقد كان نبأ وفاته رحمه الله بمثابة الصاعقة المربكة لا أقول عند المهتمين بل على المستوى العام حتى انني قد أتخيل ذلك النشيج المشتبك من هنا من هناك زمنا كله هو بعصاميته بخلقه بتطوافه العجيب. لقد تعرفت عليه في نهاية التسعينات الهجرية وهو اذاك متقد العزيمة متنوع العطاء لا يندر ان يحصل حدث ثقافي او تجمع معرفي الا وهو في الطليعة من حاضريه كما كان لقلمه وكتاباته الصحفية صولاتها الملفتة اسلوبا وايضاحا لذلك استقبلني وقدر موهبتي مثلي مثل غيري من معارفه الكثر، وامتدت الايام وزادت الصلة حيث كنت احضر مجلسه شبه يومي لأنني ارتحت لخلقه الرفيع ولتمكنه من الشاعرية الصريحة وفوق هذا وذاك شمولية ثقافته، لقد تأثرت يعلم الله عندما صدمني نبأ الفراق ايما تأثر ونهبت نفسي من بين الشواغل لكي احضر الصلاة عليه ومواساة اسرته ولكنني عندما دخلت بيت العزاء صدمتني الذكرى حيث انهالت علي المواجع أكثر وأكثر عندما رأيت ابناءه ومكانه من الدار فحاولت الالتفات والرجوع الى الخلف ولكن لا فائدة لقد اجهشت اجهاش المحب المتألم وغادرت المكان على ما في النفس. ولا أعتقد ان في الساحة من الفاعلين من يجهل وفائي معه اما اعجابه بموهبتي فقد وثقها في بعض من جهوده ولعل مقدمته لديواني البكر (الهجير) خير دليل على تلك الصلة وعندما اقول ذلك فانني اقصد مدى فقدانه في الذات المعتبرة.. كما انه لم يصدر له عمل الا وانا في طليعة من يتابعه ويكتب عنه بالرغم من المعارضين الذين لا يخلو منهم الركض المشاهد فعندما اصدر كتابه (الشوارد) بجرئية اثار ضجة لدى المثقفين لأنه بمثابة الابداع المتجاوز نظرا للجودة والدقة والاحاطة بديوان العربية وقد حييته عبر الصحافة بالقصيدة التالية وذلك في بكور تمكني من قول القصيدة العربية حيث قلت: أهرقت من دمك العزيز فرائدا كالنور تلثمه الطبيعة واقدا ابدعت موهبة وروح معلم عن غير مبدئه المشرف زاهدا آمنت بالأمل القدير فصغته درا على جيد الزمان قلائدا تلقى خواطرك الثمينة كالندى للروح ينضح بالطهارة عابدا يا رائدا فتق الشفاه بقدرة عذرا تنفست القريض (شواردا) صبغتك في رمل اليمامة أعظم ولدتك محيي ذكرهن أوابدا واسلت من غض الشباب لذيذة اودت بإمعة هناك وحاسدا ونخلت من سمط البيان روائعا بعثت وفكر الشرق ينهب تالدا وبقية الإنسان نسج خلية ولهى تميد بها الحياة معاهدا هي من فؤاد المرء نفث حياته صدقا يمد الى القرون موائدا فلئن بلوت الصبر يمضغ حاقدا والصفح يفتن بالجهالة جامدا فانعم بأنفس ما حملت لأمة تتلو مآثرك الخوالد خالدا بالعلم ما سفح الحجى متعطرا يرويك مبتكرا نماك وناقدا تلوى بلاغته عليك غلائلا والفكر يسبقك الروية رائدا حييت عبدالله متقد الذكا وهجاً من الصحراء فاح قصائدا تتغافر الأطياف من ومضاته ويفيض في الدنيا سناً ومشاهدا . (وللحديث بقية)