لا تجميد لمشروعات الدولة وركود الأسواق رد فعل طبيعي للطفرة السابقة والتضخم المالي والحكومة مستعدة لتحمي أية صناعة وطنية اذا ثبت أنها تسد حاجة البلاد ولا تضر بالمستهلك في نية الحكومة اشغال المناصب الخالية ولديها مشروع لتطوير مجلس الشورى وتوسيعه ستتسلم الحكومة ادارة ميناء جدة بمجرد انتهاء مدة الادارة الحالية في أوائل العام القادم 80 منذ أسبوع وأنا أتحين الفرصة لأحصل على موعد لمقابلة سمو الأمير فيصل ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء ، ومنذ يومين كاملين وأنا أرابط بردهات مجلس الوزراء ، وكلما وقعت عينا سموه علي يكتفي بالابتسامة وكأن لسان حاله يقول: هب لي شيئا من الوقت لأمنحكه ..مقابلات متتابعة بمواعيد وبغير مواعيد ، ومراجعات ، وبعد هذا معاملات وقضايا تنتظر الحل والتوجيه وعلى الرغم من مجيء سموه إلى ديوان المجلس ثلاث مرات في اليوم ..ضحى ثم عصراً ثم ليلاً فإني لم أتمكن من اقتحام مكتبه إلا في الساعة الثالثة ليلاً وقد وضعت أمامه طائفة من المعاملات المهمة والقضايا العاجلة التي يجب أن يفصل فيها سموه بنفسه ، اقتحمت المكتب في هذا الوقت وكان سموه على موعد مع بعثة الشرف المصرية برئاسة السيد وزير الأوقاف في الساعة الثالثة والنصف فقال سموه هل يكفي هذا والمتبقى من الوقت لأسئلتك ؟ قلت : أظن!. وبدأت أسأل ..وبدأ سموه يجيب في صراحة ووضوح وعند منتصف الحديث قيل لسموه بأن البعثة قد وصلت وحينئذ نظر إلى الساعة وفهمت إن الوقت قد انتهى وإلى تفاصيل الحوار.. السؤال الأول : بعد أن ثبتت الحكومة سعر الريال السعودي واستقر الوضع الاقتصادي في المملكة اعترى الاسواق التجارية كساد ، ومن تعليلات الجمهور لهذا الكساد انه نتيجة لتجميد الحكومة لمشروعاتها ، فهل يرى سموكم في هذا التعليل صحيح؟ أم أن هناك تعليلاً آخر؟. ج 1 : كيف جمدت الحكومة مشاريعها؟ والصحف كلها زاخرة بما فيها الندوة بمناقصات لمشاريع سواء للوزارات أو الادارات ويظهر أن المطلوب من كل وزارة منذ الان ان تنشر بيانا دوريا بالمشاريع التي تحت التنفيذ وتعين المرحلة التي وصل إليها كل مشروع لكي يعرف الجمهور كيف نسير وإلى أين وأعتقد أن هذا أيضاً من مهمة الصحافة فبوسعها ملاحقة هذه الأمور وتنوير الرأي العام ليتطلع إلى المستقبل بثقة واطمئنان وللايضاح بوسعي أن أصرح بأن مشروع توسعة المسجد الحرام قائم كما يشهد الجميع ومشروعات الطرق وتوسعة ميناء الدمام وانشاء أبنية حديثة بالمطارات ودراسات تحسين المدن الرئيسية ودراسات تحسين المدن الرئيسية في المملكة كشق الشوارع . - الاستيراد دون دراسة واعية مسبقة لحالة الاسواق على أساس العرض والطلب مما كدس البضائع لزيادتها عن حاجة الناس وجمد قسما كبيراً من الأموال. - سحب بعض أصحاب رؤوس الأموال لودائعهم وأموالهم فجأة من البنوك المحلية ، بعد تثبيت النقد واخراجها إلى الخارج ، الأمر الذي أثر تأثيراً سيئاً على بعض البنوك ومن ثم على حركة السوق. - لتصرف بعض البنوك بالودائع الموجودة لديها أكثر من النسبة المعقولة. - انخفاض ربح التاجر عما كان عليه ، فقد كان ربحه مائة في المائة، أو أكثر من ذلك بكثير بينما لا يزيد ربحه الآن عن ثلاثين في المائة أي أن الربح أصبح طبيعياً بسبب رجوع الحالة الطبيعية للأسواق اثر تعزيز العملة وتثبيتها ولا يدل هذا على أي كساد وانما ان دل على شيء فهو عدم تقدير فئة من الناس نتائج تصرفاتهم. - وجود وعي مالي عند كافة أفراد الجمهور اذا أصبح الواحد منهم يقدر قيمة عملته ويصرف الريال بعقل وبصيرة. السؤال الثاني: عندما سمحت الحكومة بحرية انتقال النقد أخرج كثير من أثرياء البلاد أموالهم لاستثمارها في الخارج وعندما يسأل أحدهم عن الدوافع يردون بأنه حتى الآن لايوجد نظام يحمي الصناعات المحلية التي يمكن استثمار أموالهم فيها ، فهل يرى سموكم وجاهة هذا العذر؟ وإذا كان صحيحا فلماذا لا يصدر مثل هذا النظام ليطمئن الاثرياء إلى استثمار أموالهم في بلادهم؟. ج 2 : ليس هذا عذرا وانما هو تبرير لخطأ ظاهر ولا يعني اخراج الاموال من البلاد بقصد الاستثمار إلا شيئاً واحدا ألا وهو عدم الثقة بأنفسنا وبإمكانيات بلادنا وقد سبق أن صرحت بأنني من أنصار التصنيع متى توفرت عناصره على أساس دراسة علمية واعية وناشدت الصحافة في توجيه نداءات لأصحاب رؤوس الاموال لإخراج بعض البرامج الصناعية لحيز الوجود وعندها ستقوم الحكومة بواجبها في الحماية لتلك الصناعات ويجب أن لا يغرب عن بالنا في ان الحماية المطلوبة لها وجهان حماية صاحب المصنع وحماية المستهلك ولا يمكن أن نفضل حماية رأس المال على حساب المستهلك الفقير وفي اليوم الذي تتوفر فيه حماية الأخير وضمان مصلحته ستقوم الحكومة بحماية الاول لكي تسود العدالة وتضمن مصالح الجميع. السؤال الثالث: يتحمل سموكم كثيراً من أعباء الحكم بالإشراف على عدد من الوزارات وقد تردد منذ عام أن سموكم ينوي الاستفادة من الكفاءات الوطنية وقد صادف اختيار سموكم للاستاذ أحمد جمجوم وزيراً للدولة ارتياحاً كبيراً في الأوساط الشعبية وكان من المنتظر ان تتبعه اختيارات أخرى ، فهل في نية سموكم اشغال المناصب الوزارية الشاغرة بالكفاءات الوطنية لمعاونة سموكم على الأعباء الثقيلة التي تتحملونها الآن ولإتاحة الفرصة لهم لكي يتدربوا على مهات الأعمال تحت اشراف وتوجيه سموكم؟ ج 3 : انني تعودت على تحمل المشاق والأعباء وبذلت الكثير من التضحيات من صحتي في سبيل خدمة بلادي ومليكي وانني عازم على المضي بهذا الطريق دون التطلع إلى جزاء أو شكور وانني أرحب بالكفاءات الوطنية التي يجب أن تتولى المراكز المهمة في الدولة، بل ان النية معقودة على ذلك وان كنت لا استطيع التحديد بالضبط ولكني أرجو أن يتحقق هذا قريبا بإذن الله. السؤال الرابع: ترددت مرارا اشاعة حول تطعيم مجلس الشورى بعناصر جديدة لتمكينه من القيام بأعماله بصورة تتمشى مع أوضاع البلاد وتقاليدها بحيث يخفف العبء عن مجلس الوزراء، فهل في النية تحقيق مثل هذه الفكرة قريبا؟ ج 4 : نعم ولدى الحكومة مشروع في هذا الشأن وأرجو أن يتم اخراجه لحيز الوجود في القريب العاجل. السؤال الخامس: هل سيتم قريبا صدور نظام المقاطعات ونظام للبلديات ونظام الشركات؟ ج 5 : ان اعباء مجلس الوزراء ضخمة ولا زالت مشاريع هذه الأنظمة بلجنة الأنظمة بالمجلس ولا يمكن اصدارها قبل استكمال دراستها دراسة وافية وليس اقرار نظام كنظام المقاطعات أو الشركات بالأمر اليسير كما يتصور البعض. السؤال السادس: يتساءل كثير من التجار متى تؤول ادارة ميناء جدة إلى الحكومة؟ ج 6 : لقد قرر مجلس الوزراء فعلا عدم الموافقة على تجديد الاتفاقية المعقودة لإدارة ميناء جدة وبذلك ستؤول ادارتها للحكومة في أول العام الهجري القادم وهكذا سيضمن التجار جميعهم المساواة في المعاملة دون أي تمييز. السؤال السابع: بيننا وبين بعض الدول العربية اتفاقات تجارية مضى عليها زمن طويل فهلا يرى سموكم انه قد آن الأوان لتعديل هذه الاتفاقيات بما يتفق ومصلحتنا؟ ولا يتعارض مع المصلحة العربية العليا؟. ج 7 : لقد تم فعلا ابلاغ الدول العربية الشقيقة بعدم وجود ضرورة للاستمرار في تلك الاتفاقيات بالنظر لسياسة حكومة جلالة الملك في تأمين حرية التجارة وحرية تداول النقد واكتفت الحكومة في الوقت الحاضر بارتباطاتها ضمن الجامعة العربية واذا كان هناك نية لتجديد اتفاقية ما فلابد وان تهدف إلى تأمين مصلحة الطرفين المتعاقدين وتأمين المصلحة العربية العليا. وكان لدي مزيد من الاسئلة ولكني خجلت وقد تجاوزت الساعة الرابعة ليلاً ولم يبدأ سموه بعد بمطالعة ما وضع على مكتبه من مهمات المعاملات واستأذنت سموه شاكراً قائلاً: هل من توجيه للصحافة؟. فقال سموه: الذين حرضوا الناس على التمسك بتعاليم دينهم والتخلق بأخلاقه والسير على هداه فهو درعنا الواقي وحصننا الحصين ضد كل مبدأ هدام. وهكذا استأثرت بساعة واحدة من وقت سمو الأمير فيصل بن عبدالعزيز ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء رغم كثرة المشاغل وزحمة الأعمال كان الله في عونه ومد الله في عمر جلالة الملك الذي أولاه ثقته فكان عندها.