يعتقد الكثيرون أن أول من أدخل البرامج التي تركز على نقل هموم وشكاوى ومطالب المواطنين في السعودية على الهواء مباشرة وبشفافية عالية لا يخرج عن برنامجين هما برنامج (يا هلا) بقناة روتانا خليجية والذي يقدمه علي العلياني، أو برنامج (الثامنة) بقناة mbc والذي يقدمه داود الشريان، والصحيح غير ذلك تمامًا بل لم يكن برنامجًا تلفزيونيًّا كليًّا، ولم يكن أيضًا في قناة تجارية خاصة، وإنما كان برنامجًا إذاعيًّا وفي إذاعة رسمية حكومية، وكان باسم (صوتك وصل) من خلال إذاعة جدة 2007م، وكان يقدمه الإذاعي الأنيق (سلامة الزيد)، وحظي "الزيد" وبرنامجه وقتها بشرف لا يعادله شرف، ألا وهو: استماع الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله- للبرنامج، وتوجيهه بأن يكون تحت رعايته مباشرة، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لكل من يشارك بالبرنامج بلقاء الملك وعرض موضوعه مباشرة عليه؛ ليحظى البرنامج ومقدمه وقتها بسمعة وشهرة كبيرة جدًّا تعدت الآفاق. مسيرة الرجل لم تتوقف عند البرامج الإذاعية بل انتقل بعدها للتلفاز وتفوق من خلال أكثر من برنامج، ولأن الإبداع مرتبط بالرجل والآمال معقودة دومًا على أمثاله عُيِّن في إبريل الماضي 2014م مديرًا لإذاعة جدة، وخلال فترة وجيزة أدرك المتابعون النقلة النوعية التي أحدثها الرجل بالإذاعة، حتى إنها توجت في عهده بالجائزة الذهبية لمسابقة اتحاد الدول العربية لعام 2014م. فجأة وخلال الأشهر القليلة الماضية بات يلحظ المتابع للإذاعة أمرًا مخالفًا لذلك الإبداع والتفوق الذي تجلى بشكل ملحوظ منذ عهد سلامة الزيد، ثم ما لبث أن لمس تذبذبًا وهبوطًا واضحًا في مستوى البرامج والتغطيات، وكل ذلك استغربه متابعو الإذاعة؛ فهذا ليس ديدن سلامة، وبعد السؤال والاستفسار والبحث والتحري تم اكتشاف معلومة لم يعلَن عنها رسميًّا ولم تظهر إلا قريبًا وعلى استحياء، وجاءت عبر صفحة سلامة الزيد ب"تويتر" محتواها: اسأل القائمين عليها فقد غادرتها قبل أشهر!! هكذا جاءت إجابة "الزيد" على أحد متابعيه ومحبيه ب"تويتر"، والذي أبدى انتقادًا لأحد البرامج، إجابة سلامة لم تخلُ للقارئ الحصيف من الحزن والغصة، وقبل ذلك من الدبلوماسية، كيف لا والرجل أبو الدبلوماسية حيث كان يفترض أن يكون دبلوماسيًّا بالأصل بعد أن قبل فور تخرجه الجامعي في وزارة الخارجية لولا شغفه وعشقه وحبه للإعلام الذي سرقه من الخارجية!! إجابة "الزيد" الدبلوماسية أولًا والمفتوحة على مصراعيها ثانيًا تبرهن أن وراء الأكمة ما وراءها في مسألة ابتعاده، حتى وإن أراد الرجل التواري بهدوء وآثر الصمت، وكل من يعرف سلامة يعلم أنه من المستحيل أن يحاول أن يصفّي حساباته أو يدخل في مهاترات أو تراشقات مع أحد، أو يخرج الاختلافات خارج أسوار بيته، نعم بيته فهو يعتبر الإذاعة بيته الثاني، كل هذا ليس من طباع الرجل الأصيل وشيء لا يجيده مطلقًا، هو فقط يؤمن أن عمله هو من يتحدث عنه، ومحبوه هم من سينصفونه يومًا ولو طال ولسان حالهم يقول: "سلامة الزيد بعد حيي.. أضاعوك وأي فتى أضاعوا"!!