لا زال مشروع قناة إسطنبول أو كما يسمى "القناة المجنونة" يثير جدلًا حادًّا بين رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو وأحزاب المعارضة من جانب، والحكومة من جانب آخر؛ وذلك بسبب جدواه الاقتصادية والأضرار التي سيخلفها على البيئة والزراعة ووفرة المياه في الولاية التي يقطنها 16 مليون شخص، فضلًا عما تكشف بشأن بيع مساحات كبيرة من الأراضي حول القناة لشخصية قطرية نافذة. وأعلن إمام أوغلو انسحاب بلدية إسطنبول الكبرى من بروتوكول مشروع قناة إسطنبول مجددًا رفضه للمشروع، الذي يقدمه الرئيس رجب طيب أردوغان على أنه سيكون مشروعًا رائدًا على مستوى العالم. وقال إمام أوغلو، في مؤتمر صحافي حول المشروع عقده في إسطنبول ليل الأربعاء- الخميس: إن مشروع قناة إسطنبول لن يكون كمشروع قناة السويس في مصر أو قناة بنما، مشيرًا إلى أن تركيا تواجه وضعًا قد يعرّض مستقبلها للخطر، بحسب الشرق الأوسط. وأضاف أن مشروع قناة إسطنبول هو "مشروع كارثة" يستهدف وجود 16 مليونًا وأمن 82 مليون نسمة، مهما كان وعد المقاولة الرابحة، يجب التخلي عنه على الفور، قائلًا: إن مشروع إسطنبول يعني الحكم بالعطش.. نحن نخسر موارد المياه القائمة منذ 8 آلاف و500 عام، وستُخلط بحيرة تاركوس بالمياه المالحة. وهناك احتمال أن تفقد البحيرة للأبد صفة أنها مصدر مياه، كما أن قناة إسطنبول تعني إثارة مخاطر الزلازل. وهذا سبب آخر لأن نقول عنه مشروع كارثة. وتابع إمام أوغلو: اليوم تواجه تركيا أزمة اقتصادية خطيرة. وازدادت حالات الانتحار. هناك أناس يفقدون وعيهم من الجوع. وهناك مئات الآلاف من المنازل لا يوجد بها طعام. جميع المطابخ بها حريق، وكل همّ أردوغان هو لمن سأعطي المقاولة التي في إسطنبول. إن عينيه معميتان لدرجة أنه لا يضع المقالات التي تقول فيها المؤسسات العامة إن هذا خطأ، في ملف تقييم التأثير البيئي.. لقد قالوا بأنفسهم إنهم خانوا إسطنبول. فقط حتى لا تُناقش الأزمة الاقتصادية ومشاكل المواطن، يصر على قناة إسطنبول. وأضاف: هو (أردوغان) متأكد، وأنا كذلك أنه سيذهب. فلا يأتي أحد ويقول: أنا سأنشئ قناة إسطنبول، وأخذت ضمانات، وسأبحث عن حقوقي في المستقبل. فأنا أحذر الجميع من اليوم. عندما نصبح نحن في السلطة، لن نعطي أحدًا أمواله. باختصار، عمر السيد أردوغان السياسي لن يكفي. وسيذهب في أول انتخابات. وكان رئيس حزب السعادة المعارض تمال كارمولا أوغلو، انتقد في وقت سابق مشروع القناة، واصفًا إياه ب"الاستثمار الخاطئ". وقال: ستنشئون المشروع، إذا أتاحت الدولة الإمكانيات لمدة 5 إلى 10 أعوام قادمة، من الممكن أن تنشئوه لنقطة محددة. لكن اعلموا أن هذا ليس حلًّا. ولا يمكن أن يكون حلًّا.. مشروع قناة إسطنبول هو استثمار خاطئ.. لا يمكن إدارة المستشفيات العملاقة بشكل صحيح. والآن يقول السيد الرئيس إن كان المشروع سيضر، فأنا على استعداد لإلحاق الضرر بأمتي. نحن متفقون. من أجل صحة الأمة اليوم، نحن على استعداد لتدمير ميلين، لكن هذا المال سوف يذهب إلى صحة الأمة أم إلى محفظة شخص معين؟. كما هاجم رئيس حزب الشعب الجمهوري زعيم المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو أردوغان مرارًا؛ بسبب إصراره على مشروع قناة إسطنبول، قائلًا إنه سيعود بالفائدة على أردوغان فقط وليس على إسطنبول أو تركيا، مع أنه سيكبد خزينة الدولة مليارات الدولارات. ويدافع أردوغان عن مشروع قناة إسطنبول، التي يخطط لأن تربط بين البحر الأسود وبحر مرمرة في الشطر الأوروبي من إسطنبول، على امتداد 45 كم، بموازاة مضيق البوسفور لتخفيف الضغط عن المضيق، الذي يربط طبيعيًّا بين البحرين في إسطنبول، ويقول إنه سيكون مشروعًا رائدًا على مستوى العالم. وينفي المناهضون لخطط أردوغان أن يكون لهذا المشروع أثر في القريب العاجل على إسطنبول. من جانبها، كشفت وزارة النقل والبنى التحتية التركية، عن دراسات شاملة أجرتها في تخصصات مختلفة بين عامي 2011 و2019 فيما يتعلق بمشروع "قناة إسطنبول"، مشيرة إلى أنها أجريت في 33 قسمًا بمشاركة نحو 200 أكاديمي من جامعات عدة، بينها "بوغازيتشي" والشرق الأوسط التقنية، وإسطنبول التقنية، وأن 57 مؤسسة ومنظمة أبدت رأيها بشأن تقييم الأثر البيئي وشاركت في الدراسات المذكورة المتعلقة بالمشروع، كما أُجريت تجارب معملية ومحاكاة من أجل المشروع في تركيا وفرنسا.