اعتبر بعض المعلقين على مقالاتي حول المفاوضات بالتنقيط أن اتخاذي كلاً من إيران وإسرائيل مثالاً ،فيه تضخيم للدور الإيراني والإسرائيلي وإعطاؤه قدراً أكبر من المستحق، خاصة وأن هذا الأسلوب يقوم على التسويف، والمماطلة، وكسب الوقت، وتفويت الفرصة بهدف تعطيل المفاوضات، أو إطالة أمدها، وكلها سلبيات تتناسب مع الدور التآمري الذي يقوم به البلدان. **** والواقع أن العداء أو الخصومة مع دولة ما لا يعني تجريدها من قدراتها التفاوضية التي تُحقق بها أهدافها التفاوضية. وقصورنا كعرب عن انتهاج مثل هذا النهج بسبب قلة صبرنا واستعجالنا للنتائج حتى لو كانت هزيلة بهدف سرعة حسم المشكلة، أو القضية، وإنهاء المفاوضات سريعاً لا يقع وزره على الغير وإنما هو أمر اخترناه بأيدينا وعلينا قبول نتائجه مهما تدنت أو هزلت. **** فن التفاوض هو أساس وروح الدبلوماسية. وإذا كان بعض المتفاوضين يلجأ للحيلة والخداع فإن المفاوضات لا تعترف إلا بالنتيجة.. وهناك مقولة شهيرة تقول: «من استطاع منكم الحيلة فليحتلْ». وينقل أن عبدالله بن عمر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إذا أحيل أحدكم على مليء فليحتل». ويتحفظ بعض أهل العلم على جواز دفع أذى الظالم بالحيلة على إطلاقه، ويشترطون أن تكون الغاية المتحققة أكبر من الضرر المُحتمل، وهو أمر يفتح الباب، في رأينا، حول من الذي في يده إجازة الغاية والحكم على أنها مشروعة أو غير ذلك. **** وهكذا فإذا كانت الخُدعة مشروعة في الحرب فإنها، قياساً، مشروعة أيضاً في التفاوض، حيث تُعرف المفاوضات بأنها الحرب بوسائل أخرى. #نافذة: المفاوض الجيد هو الذي يمتلك سرعة البديهة، والصبر، والحزم، والقدرة على المراوغة. يعرف كيف يُرهق الخصم دون أن يجعله يتخلي عن المفاوضات للوصول إلى الهدف الذي يريده. [email protected]