المنتمون إلى الأدب كانوا يحرصون ألا يصدر عنهم في قصصهم أو رواياتهم إلا ما يعالج موقفًا معينًا أو حالة اجتماعية وتستهدف النفع العام، أما اليوم فأصبحت معظم الإصدارات تعكس إسقاطات شخصية لا تسمن ولا تغني من جوع، وإن كنَّا جميعًا لا نختلف من أن القصة لون من ألوان التعبير وقد استخدمت حتى في كتاب الله العظيم ومن يتدبر سورة يوسف يجدها قصة متكاملة الأركان مليئة بالعظات والعبرات قال تعالى: (لقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فيها دروس عديدة أن النفس البشرية متى ما اعتراها الحسد والغيرة فإنها تسلك سلوكًا غير سوي وكيف أن المرأة لها مواقف تدلل على قمة إيمانها وظهر من بعضهن الغواية، قدم القرآن «إمرأة فرعون» كدليل على صمود الإيمان أمام الجبروت كما بيَّن لنا القرآن أضواء على كيد «إمرأة العزيز» ليوسف عليه السلام وكيف كانت تجهر بمشاعرها أمام نسوة المدينة.. إلى المرحلة التي وصلتها عندما استيقظ ضميرها واعترفت بكيدها بعد سنوات قضاها يوسف عليه السلام في السجن. لقد أخذت المرأة نصيبًا وافرًا من القصص في القرآن كعنصر أصيل من عناصر القصص، حيث ظهرت المرأة بمكانتها كإنسان وكامرأة معًا، ملكة سبأ «بلقيس» على سبيل المثال ومشورتها لقومها والقيادة الحكيمة التي أظهرتها (الَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ ) كانت لا تتخذ القرار إلا بعد تداول الرأي. وفي سياق الحديث عن المرأة يسرد القرآن قصصًا للنساء تكشف العوامل النفسية التي تؤثر في السلوك الإنساني ومنها العاطفة فامرأة فرعون مثلاً تجسدت فيها عاطفة الأمومة وهي تصرخ على جنود فرعون ألا يقتلوا موسى الرضيع وتعطي التبرير المقنع لزوجها فرعون (وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) فلا غرو إذًا أن تكون أحسن القصص قد أوحيت إلينا في كتاب الله لنتعلم منها ونتدبر، إنها إحدى وسائل التربية الأكثر جدوى ونفعًا والأمل كبير في مثقفينا بأن نهتدي جميعًا بهدي القرآن. [email protected]