(النّجَاح)، ذلك المصطلح وتلك الكلمة التي أصلها فقط ثلاثة حروف، نُطْقُهُا سَهل، ترديدها أسهل، حفظها هَيِّن؛ ولكن تحقيق النجاح هو الصّعْب، صَعْب في معرفة ماهيته؛ فكلٌّ له نجاحه الخاص الذي يتوافق مع إمكاناته وقدراته وظروفه، فكم من إنسان يبحث عن التفوق في المكان والميدان الخطأ، فما أكثر البشر الذين أضاعوا أعمارهم، ولم يصلوا لأهدافهم؛ لأنهم سلكوا سُبُلاً خاطئة! تحقيق النجاح ضَربة حَظّ؛ (قد يحدث هذا نادرًا)؛ ولكن المؤكد أن النجاح قِمةٌ الصعودُ لها هدف يحتاج إلى تخطيط وعمل! ومن سِمَات النجاح أن لا عُمْرَ له، فقد يدركه الإنسان في بداية حياته، أو حتى في سِنِ متأخرة؛ ف(ذاك رَجُلٌ) عاش بداية حياته في بؤس وجوع، عَمِل في صغره في محطات الوقود، ثم انتقل مجندًا في الجيش، ثمّ مُلَقّم فَحْم في قطارٍ بخاري، ضَيّع ذلك الرجل سنوات، وهو يتنقل تائهَ الخُطى بين وظيفة وأخرى! وعندما بلغ الأربعين تذكر موهبته التي كان يقوم بها في صغره؛ عندما كان يستمتع بطهي الطعام لأسرته؛ وهنا كانت خطوة نجاحه الأولى، حيث مارس (قَلْيَ الدّجَاج)، وبيعه للمارّة، وشيئاً فشيئاً أنشأ مَطْعَمًا في بلدته، وبعد أن استقرّ وضعه في سِنّ الخمسين، تَحَوّل الطريق الرئيس عن مطعمه، أُحْبِطَ بعدها، وظلّ يعيش من معاش التأمين حتى بلغ ال(65 من عمره)! وهنا وفي ساعة صَفَاء وصِدق مع الذات قرّر أن يُعِيد المحاولة مع موهبته في الطّهي؛ وأن يُسَوِّق خَلْطَته السَّرية للدجاج في ولايته، ثم بعد (12 عامًا)، أصبح يُوزّع لأكثر مِن (600 مطعمٍ في الولاياتالمتحدةالأمريكية)! ثم تحوّل المشروع إلى شركة مساهمة بِيعت بمبلغ (285 مليون دولار)، ثم بعد عشر سنوات بِيْعَت مرة أخرى بمبلغ (840 مليون دولار)؛ ليصبح لمشروع ذلك الرجل آلاف الفروع، في أكثر من (100 دولة) حول العالم!! ذلك الرجل الذي عرف النجاح وهو عَجُوز هو (هارلند دافيد ساندرز) الذي نرى رَسْمَ ملامحِ وجهِه على مطاعم (كِنْتَاكِي)، فهو مؤسسها! ومن تجربة نجاح ذلك الرجل المِسِنّ ندرك أهمية أن يتعرف الإنسان ويتلمس المهنة أو المشروع أو البرنامج الذي يناسب ميوله وقدراته ومواهبه، وأن يسلك الوسائل والطرق المستقيمة للوصول إلى نجاحه، والأهم، المثابرة وعدم اليأس، وتكرار المحاولة. [email protected]