عندما يخاطب الملك الشورى والشعب فإن المقام والمقال يعبر عن ممارسات العملية الدستورية ومراجعة الخطط التنموية والوقوف على ما تم إنجازه خلال السنوات الماضية. تقاليد الخطاب السنوي في مجلس الشورى تأتي في إطار المراجعة السياسية من قمة الهرم السياسي ليعطي دفعة جديدة معززة بالثقة والمعلومات من مصدرها بعيداً عن الأقاويل والإشاعات والتكهنات التي تتداولها وسائل الإعلام غير المنضبط. والمراجعة السنوية تضع الشعب والمجلس أمام ما يراه خادم الحرمين من توجيهات وتوقعات لمسيرة السياسة الوطنية على المستويين المحلي والدولي. مسؤوليات المملكة في هذه المرحلة تتعاظم بسبب الأخطار التي تحيط بالمنطقة وبالمسلمين في أرجاء العالم بسبب موجة الإرهاب التي شوهت الصورة وشوشت على الإسلام والمسلمين وتبقى المملكة وحدها صامدة في وجه الأعداء والمتربصين. الملك سلمان رجل سياسة رفيع المستوى ولديه من القدرة والحنكة السياسية ما يمكنه من التعامل مع الأحداث بما تتطلبه من حزم وصبر وبصيرة وشفافية. ومضامين خطاب خادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى تضع القواعد الرئيسية لمستقبل العمل في المملكة وتتطلب تضافر الجهود وإدراك مسؤوليات المرحلة القادمة من الجميع. الإسراع في تنفيذ المشاريع الكبرى مثل توسعة مطار الملك عبد العزيز وقطار الحرمين وما تبقى من مشاريع البنية التحتية مثل الصرف الصحي والمياه ينبغي إنجازها في أسرع وقت ممكن لأن لها مردوداً مالياً سريعاً يعزز واردات الدولة ويساعد على المشاركة في تحمل الأعباء المادية للمشاريع المستقبيلة. نص الخطاب الموزع على أعضاء مجلس الشورى كما ظهر من قراءته تم اعداده بعناية خاصة وشمولية مدروسة ليكون خارطة طريق توضح سياسة الدولة في المجالين المحلي والدولي ، وتتيح للمهتمين والمعنيين الاطلاع والمراجعة من خلال توثيق مدروس ومن مصدر هو قمة السلطة في المملكة العربية السعودية. كما أن اختيار افتتاح السنة الرابعة من دورة مجلس الشورى الحالية تعطي أهمية كبرى للمراقبين الدوليين الذين يتابعون اهتمامات المملكة بالمسائل الكبرى في الداخل والخارج. والتركيز على أمن المنطقة بكاملها والحروب الأهلية في اليمن وسوريا وغيرها من الدول العربية وتحديد موقف المملكة منها أمر في غاية الأهمية حتى يعرف العالم بأسره بأن دور المملكة لايمكن تجاوزه. وأن أي حلول من خارج المنطقة بدون حماية الوحدة الوطنية للدول التي أصيبت باختراقات مزقتها وأحدثت أضراراً جسيمة في نسيجها الوطني لن يكتب لها النجاح بمزيد من التدخلات غير المشروعة.. وعلى سبيل المثال من إيران وروسيا. وقد برز أيضاً من خلال ماقاله الملك أمام المجلس ومن نص الخطاب الموزع التوجه لترشيد الإنفاق والتركيز على الأهم قبل المهم في المرحلة القادمة والتصدي للمسؤوليات باتزان يحقق التطلعات ويحافظ على الثوابت. [email protected]