بحضور سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، افتتح معالي وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار، اليوم ندوة الحج الكبرى في دورتها الأربعين لهذا العام تحت عنوان "ثقافة الحج مقصد شرعي ومطلب إنساني" بمكةالمكرمة بمشاركة مختلف الباحثين والمفكرين والعلماء، والمتخصصين في العلوم الشرعية وشؤون الحج من مختلف أقطار العالم التي تنظمها وزارة الحج، بقاعة جمانة بالعوالي في مكةالمكرمة وتستمر لمدة يومين. وأقيم حفل خطابي بهذه المناسبة بدئ بتلاوة آيات من القرآن الكريم تلاها فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ خالد الغامدي، ثم ألقى الأمين العام لندوة الحج الكبرى الدكتور هشام بن عبد الله العباس كلمة ألقاها نيابة عنه عضو لجنة الندوة فايز حابس رحب فيها بالمشاركين في الندوة التي تعد ملتقىً لعلماء ومفكري الأمة الإسلامية. وأوضح أن ثقافة الحج ثقافة واسعة تحتاج إلى عدة متطلبات دينية واقتصادية وبيئية، مؤكداً أن من أهم ثمار عقد مثل هذه الندوات سنوياً هو تبادل الآراء بمناقشتها وكذلك القضايا الإسلامية التي يقوم العلماء والمفكرين المشاركين بمناقشتها خلال فعاليات هذه الندوة. وبيّن حابس أن الندوة تشتمل على خمسة محاور وهي ثقافة الحج المفهوم والعناصر، وثقافة الحج مقصد ديني شرعي، وثقافة الحج مطلب حضاري إنساني، وثقافة الحج قواسم مشتركة وسمات محّلية، وثقافة الحج في بلاد الحرمين، مشيراً إلى أن الندوة تهدف إلى إبراز أهمية ثقافة الحج في سلوك الحجاج وأداء مناسكهم وتفعيل دور الثقافة الإسلامية. وأكد أن وزارة الحج دأبت كل عام على عقد ندوة الحج الكبرى في مستهّل شهر ذي الحجة من كل عام حيث يلتقي فيها صفوة العلماء والمفكرين والكتّاب من العالم الإسلامي باعتبارها إحدى وسائل استثمار الحج فيما ينفع المسلمين في أمور دينهم ودنياهم. عقب ذلك ألقى معالي وزير الحج كلمة نقل خلالها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله - الذين يتمنون لهذه المناسبة ولأمثالها من المناسبات الخيرة كل توفيق ونجاح للخلوص إلى النتائج المتوخاة منها لمصلحة الإسلام والمسلمين والإنسانية جمعاء، وبخاصة ما يتعلق بقاصدي الحرمين الشريفين من حجاج ومعتمرين وزائرين الذين هم في مركز الاهتمام ليؤدوا نسكهم وفق ما شرعه الله عز وجل وليعودوا إلى أوطانهم وديارهم سالمين غانمين. كما رحب بسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الذي اعتدنا منه المبادرة بالحضور والمشاركة لتعزيز ودعم كل عمل خير وتوجه بناء، وقال معاليه : لقد أكد الشارع الحكيم مطالبة الحجاج لبلوغ ثمرة الحج الكاملة استقامة سلوكهم في أداء نسكهم ولاريب أن تكوين ثقافة الأفراد لها الأثر البالغ في تقويم سلوكهم إذ إن الثقافة تشكل أساساً جوهرياً في تكوين عقلية الفرد وهوية الأمم، مؤكداً انه لذلك أضحى الاهتمام بثقافة الحج المشتركة أمراً ضرورياً لضمان أداء هذه الشعيرة على الوجه الأكمل بحيث يشكل ذلك كله مقصداً معززاً لمقاصد الشريعة وغاياتها ومطلباً إنسانياً حضارياً تقتضيه مرتكزات الدعوة الإسلامية مع مراعاة ما استجد في العصر الحاضر عصر الانفتاح الفضائي الالكتروني والتواصل المتلاحق بين الثقافات. وبيّن معالي وزير الحج أن اختيار موضوع "ثقافة الحج مقصد شرعي ومطلب إنساني" ليكون موضوع ندوة الحج لهذا العام إنما هو في الواقع استجابة لما سبق أن ورد من توصيات الندوة لأعوام خلت مما يؤكد الحرص كل الحرص على استمرار وانتظام هذا التوجه الطيب الذي ترعاه حكومة خادم الحرمين الشريفين وتنظمه سنوياً وزارة الحج لما يقارب من أربعة عقود من الزمان، داعياً المشاركين في الندوة إلى استثمار ما يتمخض عنها من توصيات لإيصالها بقدر المستطاع إلى الرأي العام كل في وطنه لتبصير وتثقيف الحجاج للمواسم المقبلة وتوعيتهم في بلدانهم قبل وصولهم إلى الأراضي المقدسة مما يسهم بصورة فاعلة في تلاقي الأخطاء المحتملة ولكي يستفيدوا استفادة كاملة من الخدمات الحيوية والتسهيلات المتعددة الأبعاد التي توفرها المملكة وبخاصة التوسعات في الحرمين الشريفين والمشروعات ذات الصلة في المشاعر المقدسة. ونوه معاليه بما يحظى به حجاج بيت الله الحرام من خدمات وتسهيلات منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وحتى هذا الوقت الحاضر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود حيث تتواصل الانجازات العملاقة المقامة على ارض الواقع وبخاصة توسعات الحرمين الشريفين. وكرر الدكتور حجار الترحيب بالمشاركين في الندوة وباللجان المعنية بالإعداد والتنظيم واللجنة العلمية، معرباً عن أمله في أن تخرج الندوة بتوصيات تعود بعظيم الفائدة على أعمال الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام. عقب ذلك ألقى سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن آل الشيخ كلمة أوضح فيها أن الحج يعّد من أفضل الأعمال إلى الله عز وجل حيث يتعلق به أمران الاستطاعة المالية والاستطاعة البدنية وعظم جزاء الحج عند الله بأن ليس له جزاء إلا الجنة فهو أحد أركان الإسلام الخمسة فرضه الله مرة واحدة في العمر وهو مطلب إسلامي وعمل خير وثقافة مهمة للأمة الإسلامية وقضاياها. ودعا سماحته إلى الاهتمام بأداء مناسك الحج على الوجه الصحيح والهدي النبوي وتعظيمها وتعظيم البيت الحرام والحرص على السكينة والهدوء في الحج وعدم المجادلة والفوضى والرفث، كما قال تعالى "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق". وبيّن سماحة مفتي عام المملكة أن المسلمين في الحج يلتقون من كل مشارق الأرض ومغاربها على صعيد واحد وبلباس واحد لا فرق بين عربي وأعجمي ولا غني ولا فقير إلا بالتقوى يلبّون ربهم ويبتغون من فضله كما أن في الحج كذلك منافع متعددة سواء دينية أو دنيوية واقتصادية فعلى الدول أن تبيّن أمور الحج قبل إرسال حجاجها إلى مكةالمكرمة وتزويدهم بالكتب والأشرطة التي توضّح لهم تلك المناسك كما أن عليها كذلك أن توضح لهم نظام المملكة وحملات الحج وإتباع تلك الأنظمة كاملة. ودعا سماحته حجاج بيت الله الى أن يكون حجهم ومناسكهم خالصة لله سبحانه وتعالى وأن يبتعدوا كل الابتعاد عن الشعارات الطائفية والحزبية حيث أن الحج لا رفث فيه ولا فسوق كما يجب على علماء الأمة استثمار هذه الشعيرة لمناقشة قضايا المسلمين وتبادل الآراء بينهم للخروج بما ينفع الأمة الإسلامية. وشكر سماحة مفتي عام المملكة ولاة الأمر في هذه البلاد الطاهرة وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - على كل ما يقومون به من بذل الجهود للعناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وتقديم جميع الخدمات الصحية وتسهيل الطرق لحجاج بيت الله الحرام وتأمينهم والاعتناء بهم وما التوسعات الأخيرة التي شهدها الحرمين الشريفين إلا شاهد حيّ على ذلك فخدمة الحرمين الشريفين شرف نالوه باقتدار واعتزاز. وحذر سماحته من أعداء الأمة وأعداء هذه البلاد وحسادّها الذين لا يريدون بها خيراً فهم حسّاد على ما حبا هذه البلاد الطاهرة من أمن وأمان فأعمال هذه الدولة وأفعالها في الحج وغيره وتنظيمها أكبر رد على كذب هؤلاء وافترائهم على هذه البلاد الطاهرة فمنذ عهد الملك عبد العزيز رحمه الله والدولة تسعى لخدمة الحرمين الشريفين وتقديم كل التسهيلات لحجاج بيت الله وتبعه في ذلك أبناؤه البررة حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله -. عقب ذلك بدأت جلسات الندوة بالجلسة العلمية الأولى تناولت "الثقافة ودورها في حياة الفرد والمجتمع" شارك فيها كل من الأستاذ المساعد بكلية العلوم التربوية بجامعة العلوم الإسلامية العالمية في الأردن الدكتور حسين المجالي وعميد كلية الدراسات التنموية بجامعة الجزيرة في السودان الدكتور محمد حمد أحمد، وتناولت الجلسة العلمية الأولى كذلك "ثقافة الحج وعناصرها" ألقاها أستاذ الدراسات الإسلامية ومدير إدارة العلوم في باكستان الدكتور محمد عبد القوي مسكين، كما تناولت الجلسة "ثقافة الحج في بلاد الحرمين" ألقاها الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي إمام وخطيب المسجد الحرام بمكةالمكرمة معالي الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس. هذا وستواصل الندوة عقد جلساتها مساء هذا اليوم بعقد الجلسة العلمية الثانية والجلسة العلمية الثالثة.