سررنا كثيرًا في شهر رمضان المنصرم، حين رأينا بأم أعيننا، أو سمعنا عن إسهامات شبابنا السعودي -والشباب يشمل الفتيان والفتيات- في أعمال الخير، ومن ذلك مثلاً: المشاركة في تفطير الصائمين على قارعة الطريق، كما في حملة (إفطارك علينا) مثلاً. ومن المتطوّعين الذين أثاروا إعجابنا كذلك متطوّعو هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية في شهر رمضان الكريم، وبقية شهور العام في كل مناشطها ومشروعاتها، كبرنامج (إفطار صائم) الذي يوزّع فيه وجبات وسلال على العائلات المحتاجة، أو قسائم شراء بمبالغ مقطوعة من أرقى محلات السوبر ماركت، وشارك هؤلاء المتطوّعون والمتطوّعات كذلك في جناح الهيئة في مهرجان جدة التاريخية الرمضاني، بتوعية الزائرين بمناشط الهيئة ومشروعاتها داخل المملكة وخارجها، بأسلوب حضاري واعٍ، ليحفّزوا الناس جميعًا على التبرّع للهيئة بما تجود به أنفسهم بالوسائل المرعيّة والنظامية. وإسهام شبابنا في عمل الخير معهود ومشهود، كما حصل في سيولجدة، حين قدّموا من الجهد والعون ما لا يمكن وصفه، وهؤلاء الشباب متّسمون بالاعتدال والوسطية، وكثير منهم متدينون ملتزمون دون أي تطرّف، أو غلو، أو تشدد. ومع الأسف الشديد، فقد أساء لهذه الفئة المعتدلة، فئة أخرى مغالية، متشددة، متطرّفة، أساءت للشباب السعودي عامة، وللمتدينين منهم خاصة، مع أن جميع شبابنا متدينون -ولله الحمد- على هدى وبصيرة، ووسطية واعتدال. فخلط بعض الناس بين الفئتين المتباعدتين بُعد المشرق عن المغرب. ولا يمكن اعتبار ذلك إلاّ فتنة عظيمة من الفتن التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها كقطع الليل المظلم. كما بيّنها الذكر الحكيم في قوله تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة)، فهذه الفتنة أثارها بعض شبابنا الذين ضلّوا عن سبل الرشاد، والتحق بعضهم بتنظيمات أقل ما يُقال فيها إنها مشبوهة، وأصبحوا حطبًا لها دون إدراك منهم، أو تمييز، وأصابتهم هذه الفتنة كما أصابت سواهم من الشباب الصالح الملتزم التزامًا صحيحًا، فعمَّ بعض الناس الحكم على الجميع، وبذلك يكون إثم الفئة المغالية الضالة مضاعفًا؛ لتسببها في تشويه صورة الإسلام ممثلة في الملتزمين والمتدينين. ويصدق عليهم قول الشاعر: وجرم جرَّه سفهاء قوم وحلَّ بغير جارمه العذابُ إن شبابنا السعودي في مجمله متّصف بالصلاح والتقوى وحسن الخلق، والتدين على أسس راسخة من الوسطية والاعتدال. ولا تمثل هذا الشباب أبدًا فئة شاذة أصبحت غريبة على مجتمعنا المسلم الخيّر، وبالتوعية المستمرة، والتربية الصالحة، والموعظة الحسنة نستطيع إعادة كثير منهم إلى جادّة الصواب، وإبعادهم عن سبل اليباب والخراب. [email protected]