يحتفل العالم باليوم العالمي لمكافحة التصحر في 17 يونيو من كل سنة، وهو يصادف اليوم الذي تم فيه إقرار وثيقة اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر بباريس عام 1994م. ويتم الاحتفال بهذا اليوم لزيادة الوعي بالأخطار المتفاقمة التي يمثلها التصحر ولحث الجميع حكومات وأفراداً ومؤسسات لبذل المزيد من الجهود لمكافحة ظاهرة التصحر والحد من آثار الجفاف. وقد عملت أمانة اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر أن يكون الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر هذه السنة مناسبة لرفع الوعي والتعبئة للمحافظة على التربة باعتبارها الأساس الذي تنمو عليه الحياة، وتزدهر بحياته وعافيته وتتدهور وتختفي بتدهوره وموته. وقد بذلت حكومات دول العالم خلال العقود الأخيرة جهوداً كبيرة في مجالات مكافحة التصحر وإيقاف تدهور الأراضي وإعادة تأهيل ما تدهور منها والتخفيف من آثار الجفاف والحد من تدهور التربة ومن تقلص التنوع الحيوي سعياً وراء تحقيق التنمية المستدامة في جميع المجالات. وقد أقرت الأممالمتحدة بأن يكون العقد القادم (2010-2020) مخصص للصحاري ومكافحة التصحر بحيث ينصب الاهتمام خلال هذه العشرية على أنشطة الإدارة المستدامة للموارد الأرضية وترشيد استخدام المياه والعمل على تحسين التربة والحد من تغير المناخ ومن آثاره، كما تبنت سكرتارية اتفاقية الأممالمتحدة حملة تحقيق "صفر تدهور" لوقف تدهور الأراضي وإعادة تأهيل أي مساحات تتدهور. وقد اختارت أمانة الاتفاقية لاحتفال عام 2015 م التركيز على موضوع "تحقيق الأمن الغذائي للجميع من خلال النظم الغذائية المستدامة". واختارت لذلك شعار " كل شيء له ثمن، لنستثمر في التربة"، ودعت إلى أن يتم خلال هذا العام العمل من أجل إحداث تغيير في ممارساتنا لاستخدام الأراضي من خلال الزراعة الذكية والتكيف مع تغير المناخ، لاسيما في المناطق الهشة الجافة من العالم حيث نقص الغذاء أصبح أكثر وأكثر حدة، وتسهيل الحصول على التكنولوجيا وملكية الأرض للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يشكلون حماية للبيئة ويعملون من أجل تلبية الاحتياجات الغذائية لملايين الأسر، وخاصة بين الأسر الأكثر فقرا. كما دعت أن يتم تحقيق التوازن في استخدام الأراضي للبيئة والاستهلاك، بالاعتماد على أفضل الممارسات، والمزيد من الاستثمار في الممارسات المستدامة في لاستخدام للأراضي بحيث تصبح النظم الغذائية المستدامة الممارسة السائدة، واتخاذ إجراءات أكثر فعالية لمكافحة التصحر وآثاره الواضحة على الأمن والسلام والاستقرار في البلدان المتضررة وخاصة ما يخص ندرة الغذاء والمياه وما ينتج عنه من هجرة قسرية بسبب تدهور البيئة. ولظاهرة التصحر آثار عديدة، بيئية واقتصادية واجتماعية. أما الآثار البيئية فتتمثل في فقدان التنوع الحيوي وتدهور التربة وبالتالي تدني الإنتاجية وفقد فرص إنتاج الغذاء والدواء وفقد قدرة النظم البيئية والإنسان على التكيف مع تغير المناخ. ويترتب عن التصحر والجفاف أيضا العواصف الترابية وزحف الرمال التي تهدد المنشآت الاقتصادية والاجتماعية والمزارع وغيرها. أما اقتصاديا فإن التصحر يؤدي إلى ضعف الإنتاج وقلة فرص العمل وانعدام فرص التطور الصناعي المرتبط بالمنتجات الزراعية وتدني مستوى الدخل الفردي والوطني. وينتج عن ذلك أيضاً مشاكل اجتماعية مثل الفقر والهجرة من القرى والبوادي إلى المدن وما يترتب على ذلك من مشاكل حضرية من زيادة في عدد السكان وارتفاع نسبة الجريمة وغيرها. ولا تزال المملكة تبذل جهوداً مهمة في مجال مكافحة التصحر والتخفيف من آثار الجفاف ولعب دور الريادة في إعداد وتنفيذ اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر، وقد أعدت إستراتيجية وخطة عمل وطنية لمكافحة التصحر والتخفيف من آثار الجفاف، كما أدخلت ضمن خطط التنمية مكافحة التصحر كإحدى القضايا المهمة الواجب معالجتها. وأعدت الإستراتيجية وخطة العمل الوطنية للغابات بالمملكة والإستراتيجية وخطة العمل للمراعي الطبيعية (قيد الدراسة من أجل الاعتماد)، وكلها تضع ضمن أهدافها مكافحة التصحر والحد من آثاره ووقف تدهور الأراضي وإعادة تأهيل المتدهور منها وإدارتها إدارة مستدامة. وإن من أهم نتائج هذه الجهود تنفيذ العديد من المشاريع والأنشطة في مجالات مختلفة نذكر منها على سبيل المثال : مشاريع تثبيت الكثبان الرملية في كل من وادي الدواسر، القنفذه، الليث وغيرها ، وتحسين واستزراع ما يقارب 120 موقع من المراعي والغابات وتسييج أو تبتير حوالي 100 موقع، وتطوير نظم الري الحديثة والعمل على تحسين الممارسات الزراعية ضماناً لترشيد استخدام المياه وتفادي تدهور الأراضي وتلوثها وتصحرها، والبدء بتحديد الغابات لحمايتها من التعديات، وإعادة تأهيل العديد من المواقع المتدهورة بالغابات والمنتزهات الوطنية من خلال التشجير وتطبيق تقنيات المحافظة على المياه والتربة، وتطوير نظم الحراسة لأراضي الغابات والمراعي بالتعاون مع شركات خاصة، والعمل على التطبيق السليم للنظم واللوائح الهادفة إلى حماية الأراضي والموارد الطبيعية لحمايتها من سوء الاستغلال والتدهور، وبذل الجهود في مجال البحث العلمي وإنشاء المراكز المتخصصة في المجالات المرتبطة بالتنمية المستدامة ومكافحة تدهور الموارد الطبيعية، وبذل الجهود المستمرة من أجل التوعية بأهمية المحافظة على البيئة ومكافحة التصحر وآثاره البيئية والاقتصادية والاجتماعية. وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر لهذه السنة (1436ه - 2015م) تهيب وزارة الزراعة بكل المواطنين والمقيمين بالمملكة إلى العمل سوياً، يدا في يد، من اجل تفادي أسباب تدهور الأراضي والتربة وكل الأسباب المؤدية إلى التصحر للحفاظ على موارد المملكة وسلامة بيئتها وضماناً للعيش الكريم الدائم للجميع على هذه الأرض الطيبة.