أوضح معالي وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد بن سليمان الجاسر أن ميزانية العام المالي 1436/1437ه (2015) صدرت في ظل التراجع الكبير في الأسعار العالمية للنفط، إلا أنها التزمت بمستوى النفقات العامة، الذي يفوق مستوى الإيرادات العامة المتوقعة، الأمر الذي يؤكد حرص الدولة على استمرار الإنفاق على المشاريع التنموية الضخمة الجاري تنفيذها مثل مشاريع القطارات، ومشاريع تحلية المياه، والكهرباء، والمدن الجامعية. وأبان في تصريح لوكالة الأنباء السعودية أن الدولة بناء على توجيهات القيادة الحكيمة، تواصل بالاستثمار في المشاريع والبرامج التنموية لقطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه والصرف الصحي، والطرق، بالإضافة إلى برامج ومشروعات التوسع في التعاملات الإلكترونية بالأجهزة الحكومية، ودعم البحث العلمي بما يضمن تواصل التنمية المستدامة لهذا الجيل والأجيال القادمة، وإيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين. وأفاد أن العجز في هذه الميزانية سيمول بالاقتراض أو السحب من الاحتياطيات المالية التي دأبت المملكة على بنائها وتعزيزها خلال السنوات الماضية، انسجاماً مع سياستها المالية المعاكسة للدورات الاقتصادية، التي تهدف لضمان مواصلة اعتماد المشاريع التنموية والخدمية الضرورية للنمو الاقتصادي، ببناء احتياطيات مالية من الفوائض المالية المتحققة من ارتفاع الإيرادات العامة للدولة في بعض الأعوام للاستفادة منها عند انخفاض الإيرادات في أعوام أخرى. وبين معاليه أن ميزانية هذا العام تتضمن العديد من المؤشرات الإيجابية الدالة على متانة اقتصاد المملكة وحصافة السياسة التي يدار بها، فقد تواصل النمو الاقتصادي بمعدلات جيدة، وتعززت مختلف جوانب الأداء الاقتصادي والاجتماعي في مناخ اتسم باستقرار الأسعار المحلية، والمحافظة على قوة الريال السعودي وازدادت في إطاره جاذبية بيئة الأعمال السعودية للاستثمارات المحلية والأجنبية. وهو ما يؤكد فاعلية النهج التنموي الذي تتبناه المملكة والذي يهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة ترتقي بالأوضاع المعيشية للمواطنين وتستند إلى تنويع هيكل الاقتصاد الوطني وزيادة إنتاجيته وتنافسيته، مع إفساح المجال للقطاع الخاص ليضطلع بدور محوري ورائد في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقال «إن هذه الميزانية التي سيتزامن تنفيذ برامجها ومشاريعها التنموية مع العام الأول من خطة التنمية العاشرة ستؤازر الخطة في إعطاء قوة دفع إضافية لمسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة. وقد تم التنسيق بين وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط بشأن الربط بين هذه الميزانية وما تضمنته خطة التنمية العاشرة من برامج ومشاريع تنموية». ونوه معاليه بالتوافق الملحوظ بين هذه الميزانية وخطة التنمية العاشرة من حيث أولويات تخصيص الموارد بين قطاعات التنمية المختلفة، فكل من الميزانية والخطة تولي اهتماماً كبيراً بتنمية الموارد البشرية من خلال تخصيص نسبة كبيرة من الإنفاق على التوسع الكمي والنوعي للخدمات التعليمية والتدريبية والخدمات الاجتماعية والصحية. كما تولي كل من الميزانية والخطة اهتماماً خاصاً بتوسيع وتطوير خدمات البنية التحتية والتقنية، والخدمات البلدية، وخدمات المياه والصرف الصحي والكهرباء وذلك إسهاماً في نشر ثمار التنمية في كافة مناطق المملكة. وأكد معالي وزير الاقتصاد والتخطيط أن خطة التنمية العاشرة تبشر باستمرار النمو الاقتصادي بمعدلات جيدة ستترجم إلى ارتفاع في الدخول الحقيقية، وارتقاء في مستوى المعيشة ونوعية الحياة لجميع المواطنين، وسيترافق مع ذلك النمو ارتفاع في معدلات توظيف العمالة الوطنية وانخفاض موازٍ في معدل البطالة، والاستقرار في أسعار السلع والخدمات، والتطور الكمي والنوعي في الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين. وأوضح أن تحقيق هذه النتائج يأتي من خلال تركيز الخطة - ضمن تدابير عديدة أخرى - على الاستمرار في توسيع الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني، ورفع مستوى إنتاجيته وتنافسيته، وتطوير هيكله الإنتاجي بتعميق التنويع الاقتصادي، وتسريع التحول إلى مجتمع المعرفة والاقتصاد القائم على المعرفة. كما تحرص الخطة على زيادة إسهامات القطاع الخاص، ورفع إنتاجيته، ليواصل الاضطلاع بدوره الرائد في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وقال معاليه «إن التحدي الذي يواجه المملكة يكمن في تنفيذ المشاريع المدرجة في الميزانية بكفاءة عالية وفي أوقاتها المحددة. وفي توازٍ مع ذلك يتوقع أن يتواصل زخم النشاط الاستثماري للقطاع الخاص مستفيداً من المناخ المواتي والفرص الاستثمارية التي سيهيئها تنفيذ برامج ومشاريع هذه الميزانية، ولاحقاً تنفيذ البرامج والمشاريع والسياسات التي تتضمنها خطة التنمية العاشرة. كما ينبغي التأكيد على أن رفع كفاءة الأداء والإنتاجية في المؤسسات الحكومية والخاصة، ولدى الأفراد العاملين في هذه المؤسسات، يعد شرطاً ضرورياً ولازماً لتحقيق طموحات الوطن والمواطن». وختم بقوله «إن مسيرة الخير والنماء التي يقودها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وولي ولي العهد، - حفظهم الله - تسير نحو أهدافها المرسومة، متمسكة بالقيم والثوابت، ومتسلحة بالإيمان والوحدة، وكل أدوات النهوض والتقدم».