تمتلك الخطوط السعودية أحد أكبر الأساطيل الجوية في العالم، والحق أقول إنها وبالرغم من بعض الهنّات التي تواجهها، ويواجهها المسافرون معها، إلا أنها تظل من أفضل وآمن خطوط الطيران، سواء من حيث انضباط الوقت، أو سلامة الصيانة وفق المعايير الدولية. وعلى الرغم من ذلك، لكنها على الصعيد العملي في حاجة إلى تطوير مهنيتها بالشكل الذي يضمن لها المنافسة مستقبلًا، في حال تم فتح الباب لشركات طيران أخرى للنقل الجوي الداخلي. وفي هذا الإطار فأشير إلى أن الطيران السعودي يحظى بميزة ليست لأحد غيره من شركات الطيران العالمية المتطورة، حيث يتمتع بميزة احتكار سوق النقل الجوي داخل المدن السعودية، وبالتالي التفرد في تقديم مختلف الخدمات الجوية التي يحتاجها المسافر. وواقع الحال فإن هذه ميزة لمن يُدرك أهميتها، ويعمل على الاستفادة منها بعقلية تجارية تسويقية ذات بعد مهني واحترافي كبير، تنظر للمستقبل، وتحسب ليوم غدٍ مقدار حسابها ليومها؛ هذه الذهنية المتقدمة في التسويق تدرك أن السوق بمثل ما هو قائم على العرض والطلب، قائم أيضًا على جودة ومتانة الخدمة المقدمة للعميل. من هذا المنطلق أقول إنها ميزة لمن يُفكر بتلك الذهنية التسويقية المتطورة، لكونه سيعمل على احتكار فؤاد عميله بمختلف الخدمات العادلة ذات الجودة والمتانة خلال فترة احتكاره لسوق العمل، حتى إذا ما انفتح السوق ضمن أن عميله لن يتركه، وأن انتماءه لمؤسسته متينًا بمتانة وجودة وعدل واحترام الخدمات التي قدمت له طوال الفترات السابقة. والسؤال: هل تنطلق الخطوط السعودية في تعاملها مع عميلها المحتكر من هذا الجانب؟ أتصور أن الإجابة ستكون شائكة لمن يتصدّى لذلك، على أني سأضع بين يدي مسؤولي الشركة إحدى الهنّات التي تعكس جانبًا تسويقيًا أقل ما يُقال عنه إنه غير عادل، إذ تُقدم الخطوط لعملائها خدمة تجميع نقاط الفرسان، وهي خدمة عالمية تقوم بها كثير من شركات الطيران، ووجه السوء في هذه الخدمة أن نظام الفرسان يشترط للحصول على البطاقة الفضية أو الذهبية، بلوغ حد أدنى من النقاط، لا يتوفر بسهولة لأي عميل لا ينتمي لدائرة التجار والمديرين التنفيذيين، الذين يقتضي عملهم تكرار السفر بشكل دوري؛ على أن الإشكال ليس هنا، بل يكمن في تصفير عداد النقاط مع نهاية السنة الميلادية. هذا ما حدث لأحد قرنائي من النخبة الثقافية، الذي بلغ رصيده قرابة عشرين ألف نقطة لسنة واحدة، وفجأة نما إلى علمه أن رصيده القريب من الحد الأدنى للحصول على البطاقة الفضية، سيختفي كليًا مع نهاية هذا الشهر. حينها طبطبت على كاهله، وقلت له: لا تبتئس يا صديقي، وفوض أمرك لله. [email protected]