من السلوكيات غير المقبولة وللأسف موجودة بكثرة في مجتمعاتنا العربية هي عدم الاعتراف بالخطأ مهما كان نوعه أو حجمه وقد يكون هذا الخطأ واضحاً وجلياً للعيان ، ولكن من باب الكبرياء والعزة بالإثم الكثير لا يعترف بهذا الخطأ ، فضلاً عن أن يقوم بالاعتذار منه . والمشكلة ليست بالخطأ فجل من لا يخطئ يقول النبي عليه الصلاة والسلام ((كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)) ولكن الخطأ هو التمادي في الخطأ نفسه وعدم الاعتراف به . الكاتب المسرحي والأديب الانجليزي المعروف وليم شكسيبر يقول : صغار العقول يرون الاعتذار «مهانة» أما كبار العقول فيرون الاعتذار «رقيّا» و»تسامُحًا»!»" فالاعتراف بالخطأ من شيم الكبار ، وخلق من أخلاق الأقوياء ، وعلامة من علامات الثقة بالنفس التي لا يتصف بها إلا الكبار ، الذين لديهم القدرة على مواجهة الآخرين بكل قوة وشجاعة وأدب ، والحياة بدون اعتذار ستحمل معاني الندية ، وستخلق جواً من التوتر والقلق بين الناس . فالاعتذار خلق اجتماعي جميل يدعو للتعايش ، ويمحو ما قد يشوب المعاملات الإنسانية من توتر أو تشاحن نتيجة الاحتكاك المتبادل بين الناس. والاعتذار ينفي عن صاحبه صفة التعالي والكبر ، ويمنحه المصداقية والثقة في قلوب الآخرين ، كما أن الاعتذار يُزيل الأحقاد ، ويقضي على الحسد ، ويدفع عن صاحبه سوء الظن به ، والارتياب في تصرفاته. والكبار يفهمون الاعتذار فهماً راقياً ، فلا ضير من الاعتذار للزوجة إذا أخطئوا في حقها، ولا مانع من الاعتذار لمرؤوسيهم إذا قصروا في أداء الواجبات المنوطة بهم ، ولا ينقص من قدرهم إذا اعتذروا ولو كانوا في مراكز قيادية. على العكس تماماً من صغار النفوس ، والعامة من الناس الذين دأبوا على التهرب من الاعتذار عن أخطائهم التي ارتكبوها ، فالزوج تأخذه العزة بالإثم من الاعتذار لزوجته خوفاً من أن يُنقص ذلك من رجولته ، والمدير لا يعتذر لموظفيه خشية أن يعتبرونه ذا شخصية ضعيفة ، والمدرس لا يعتذر لتلاميذه إذا أخطأ معهم خوفاً من الاتصاف بعدم التمكن من مادته. لقد اقتصر الاعتذار بين العامة في الأشياء العابرة الخفيفة ، أما في المواقف الجادة والحقيقية والتي تحتاج للاعتذار حتى تستمر عجلة الحياة ، ويستقر التعامل بين الأقران نرى التجاهل وعدم المبالاة، والواقع يؤكد ما نقول. ومن هنا يتضح ان الاعتذار سلوك راقٍ وحضاري ويدل على ثقافة ووعي وفهم وإدراك لايقدم عليه إلا الكبار والكبار فقط . عبدالله مناور البدراني - الحناكية