سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اعتراف أوباما.. لحظة خطر « اعتراف أوباما أنه بلا إستراتيجية إزاء الإرهاب يشير إلى ضياع بوصلة النظام الدولي في غرفة القيادة المركزية، ويحمل رسالة لقوى الإرهاب الدولي» امرحوا كما تشاؤون .. !»
أخطر ما يواجهه العالم في اللحظة الراهنة، هو ما اعترف به الرئيس الأمريكي أوباما قبل أسابيع من أن واشنطن "لا تملك استراتيجية" للتعامل مع "داعش"،أي أن القوة العظمى الوحيدة سوف تتعامل بنظام القطعة مع ملف الإرهاب العالمي، الذي أصبح في الأعوام الأخيرة أخطر تحدٍّ تواجهه البشرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. اعتراف أوباما يشير الى ضياع بوصلة النظام الدولي في غرفة القيادة المركزية، وقد يحمل رسالة لقوى الارهاب الدولي" امرحوا كما تشاؤون .. فنحن لا نمتلك بعد لا الرؤية، ولا الارادة، ولا الخطة، ولا القرار، للتعامل معكم....!" . اعتراف أوباما قد يحمل أيضا رسالة الى القوى المتضررة من الإرهاب الدولي:" عليكم ان تتحركوا بأنفسكم.. فنحن ليس بوسعنا تقديم الكثير من أجلكم". "نحن لا نملك استراتيجية" جملة مزلزلة قالها الرئيس الأمريكي أوباما، قبل أن يقرر ايفاد وزير الدفاع تشاك هيجل ووزير الخارجية جون كيري، الى الشرق الاوسط، في مهمة هدفها - طبقاً للبيت الابيض- بناء تحالف دولي من أجل التصدي ل" داعش"، لكن السؤال الطبيعي الذي سوف يسمعه حتماً كل من هيجل وكيري في عواصم القرار الإقليمي بالمنطقة هو: أهلاً بالتحالف ولكن من أجل تحقيق أية استراتيجية؟!.. وبأدب جم سوف يقول مسؤولون بالمنطقة لوزيري خارجية ودفاع أوباما: ليقل لنا الرئيس أوباما أولاً ما هى استراتيجيته قبل أن يطالبنا بالمشاركة فيها.. فلا توجد تحالفات بنظام القطعة.. ولا يمكن لقادة المنطقة إقناع شعوبهم بخوض حرب لا يعرفون مقدماً وبدقة خارطتها وأهدافها، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الحرب بالذات ضد طرف يرفع شعارات الدين ويمني جمهوره بحلم خلافة طال انتظار البعض لها، أي أن ما تحت يد القادة بالمنطقة من استراتيجية ورؤية وخطة وادوات يجب ان يكون وافياً ومقنعاً بالانخراط في تحالف دولي، يقول إنه يستهدف استئصال "داعش" ويسعى الى تحميل دول الاقليم القسط الأكبر من أعباء تحقيق هذا الهدف. لا جدال البتة حول حتمية استئصال الإرهاب، ولا خلاف مطلقاً حول حاجة "العالم" والمنطقة لاستئصال "داعش" بعد كل ما رأته الدنيا في الأسابيع الاخيرة من جرائم ارتكبها هذا التنظيم، باتت عبئاً ثقيلاً على الضمير الانساني، لكن من المحتم ما دمنا بصدد حرب ضروس سوف تبدأ فور إعلان بناء التحالف الدولي، أن نعرف بالضبط هل ثمة رؤية استراتيجية حاكمة للصراع المقبل..؟ ، وهل تلك الرؤية منسجمة ولا أقول متطابقة مع قراءتنا كعرب للمشهد واستيعابنا لأبعاده؟.. وما الذي ستقدمه القوى الدولية الأخرى في هذا التحالف؟!.. أسئلة نريد إجابة أمريكية عنها، لا لنقرر هل سنحارب الارهاب أم لا فهذا قرار استراتيجي لا بديل عنه اذا ما أراد النظام الاقليمي العربي والشرق أوسطي كله توفير الامن والرخاء لشعوب ودول المنطقة، وإنما لنعرف عند أي النقاط تتقاطع المصالح وعند أيها تتعارض، لأن العنوان الكبير الذي تضعه واشنطن للحرب المقبلة، يجب أن يشمل أيضا من ينتجون ذرائع الإرهاب، ومن يوفرون لهم بسياستهم الدوافع كل يوم. فلا يمكن بناء تحالف دولي راسخ ومتين ضد الإرهاب، بينما تنعش اسرائيل خزانة الدوافع لدى داعش بقرار لحكومة نتانياهو يضم "قسراً" أربعة آلاف دونم من أراضي الضفة الغربيةالمحتلة الى اسرائيل، فقرار كهذا هو ببساطة قرار لدعم الإرهاب ولتزويد الإرهابيين بالدوافع وبالمتطوعين، ولا يكفي أبدا أن يخرج علينا مسؤول درجة رابعة بالادارة الامريكية ليعلن استنكاره لتوقيت القرار الإسرائيلي، لأن ما يستحق الاستنكار حقاً هو استمرار الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية والقدس وغزة منذ عام 1967 وحتى الآن، وللتذكرة، حتى ينتبه الأشقاء العرب في كل مكان، فإن غزة ما تزال تحت الاحتلال الاسرائيلي حتى لحظة كتابة هذه السطور، مادام فضاؤها وأجواؤها ومياهها تحت الاحتلال. استراتيجية الحرب على الإرهاب يجب أن تشتمل على اجتثاث ذرائعه، بنشر العدل، ومكافحة الفساد، والتصدي للظلم، لأن اغلاق الباب الذي يتسرب منه طوابير المخدوعين المنضمين الى داعش من عواصم الغرب ومن دول المنطقة ، لن يتحقق قبل اجتثاث الذرائع التي توفرها إسرائيل، وايران، وكذلك قبل امتلاك استراتيجية عربية لتطوير برامج التعليم وتحريرها من قبضة قوى التطرف، ووضع نظام قانوني وقضائي فعال قادر على اجتثاث جذور الفساد، وامتلاك رؤية إعلامية تؤمن بحق المواطن العربي في المعرفة ولا تضع قيداً على حرية تداول المعلومات. الأفكار الظلامية لا تنتشر الا في الظلام، والتصدي لها لا يكون بغير تسليط الأضواء الكاشفة عليها، وتمكين العامة والبسطاء من كشف حقيقتها، وتلك مهمة قد يراها البعض سهلة أو بسيطة يكفي لانجازها أن يصدر القرار من أصحاب الصلاحية، غير أن الحقيقة ان محاربة الأفكار الظلامية، تحتاج الى إرادة أمة، اتخذت قرارها بأن تكون عضواً فاعلاً في هذا العالم وليست مجرد مفعول به طول الوقت. اذا كانت واشنطن لا تملك استراتيجية لمواجهة داعش، فعليها ان تنصت لقوى الفعل بالمنطقة، التي يتعين عليها بدورها أن تمتلك استراتيجيتها الخاصة للتصدي للإرهاب، وفي تقديري فإن امتلاك رؤية لبناء دولة عربية حديثة تكرس قيم المواطنة، وتلتزم بحق مواطنيها في المعرفة، وبحرية تدفق المعلومات وبمبدأ الشفافية والمحاسبة ودولة القانون، كل هذه العوامل مجتمعة تستطيع توفير الدرقة الحامية للنظام الإقليمي العربي وكافة أعضائه. كيري وهيجل قد لا يحملان استراتيجية ضمن رحلتهما لبناء تحالف مناهض للإرهاب، لكنهما حتما سيستمعان من قادة المنطقة إلى ما يكفي لبناء رؤية استراتيجية قادرة على دحر الإرهاب واستعادة الأمن الإقليمي. [email protected]