وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الكاميرات على وثيقة للانضمام إلى 15 معاهدة دولية مؤكدًا: «هذا حقنا.. وافقنا على تأجيل الأمر لمدة تسعة أشهر».. يسعى الفلسطينيون الآن، وبعد توقف محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، لاستعادة هذا الحق إذ من المقرر تقديم هذه الطلبات للمنظمات المعنية «دون تأخير». وجاءت هذه الخطوة كرد فعل على تعثر مفاوضات السلام مع الجانب الإسرائيلي، والتي بدأت في يوليو 2013 بوساطة من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. يبرر الجانب الفلسطيني هذه الخطوة بتأخر إسرائيل في الإفراج عن الدفعة الأخيرة من إجمالي 104 من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بنهاية مارس كما كان متفقًا عليه. تأتي مسألة التوقيع على وثيقة الانضمام للمعاهدات كخطوة على طريق مساعي الفلسطينيين، تحقيق الاعتراف الدولي بالمناطق ذات الحكم الذاتي كدولة. وفي أكتوبر 2011 فازت فلسطين بعضوية كاملة في منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، كما منحت الأممالمتحدةفلسطين صفة «دولة مراقب» في ديسمبر 2012. ويرى هانز يواخيم هاينتسه، أستاذ القانون الدولي بجامعة بوخوم الألمانية أن هذه الخطوات تحمل أهمية كبيرة من الناحية القانونية موضحًا: «الحصول على عضوية في مثل هذه المنظمات الدولية يعادل الاعتراف من الناحية الواقعية». وعن أهمية هذه الخطوات أضاف هاينتسه: «يحاول المرء عبر هذا الطريق الوصول لاعتراف على أرض الواقع بالدولة الفلسطينية من خلال عضويات جديدة في منظمات دولية». كرد فعل على هذا الأمر دعا كيري الرئيس الفلسطيني للتراجع عن هذه الخطوة، وقال إن هناك حدودًا لدور الولاياتالمتحدة في عملية السلام إن لم يكن الجانبان مستعدين لاتخاذ خطوات بناءة للتحرك قدمًا. وأعلن كيري في الوقت نفسه أنه بحاجة لتقييم المراحل المقبلة من عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية مع الرئيس الأمريكي أوباما، محذرًا من أن وقت واشنطن «محدود» فيما يتعلق بهذا الملف. بل ذهب كيري لتحذير الطرفين الفلسطيني والإسرئيلي قائلاً: «إن هناك حدودًا للوقت الذي يمكن أن تُكرِّسه الولاياتالمتحدة لعملية السلام إذا كان الطرفان غير مستعدَّين لاتخاذ إجراءات إيجابية». من جهتها تستعد إسرائيل لفرض سلسلة عقوبات ضد الفلسطينيين كرد على خطوة توقيع الاتفاقيات. ووفقًا لصحيفة هاآرتس الإسرائيلية فإن مسؤولين إسرائيليين بصدد بحث طلب بشأن اقتراح سلسلة إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين. يعتبر الانضمام لمنظمات دولية نوعًا من تكريس الاعتراف ب»فلسطين دولة» كأمر واقع، لكنه يطرح مخاوف ومشكلات قانونية. وكتبت الخبيرة القانونية أيلونا مارغريتا شتيتنر، في دراسة لمؤسسة كونراد أديناور: «تعقيد المناقشات حول فكرة الدولة من عدمها ينبع من حقيقة عدم وجود قواعد دولية عامة معترف بها يمكن أن تندرج تحتها قضية منح صفة الدولة». ولم تنتهِ هذه الإشكالية القانونية حتى بعد حصول فلسطين على صفة «الدولة المراقب» في الأممالمتحدة. بشكل عام قد تؤدّي هذه الخطوات من الجانب الفلسطيني إلى إمكانية حصول فلسطين على الحق في تقديم السياسة الإسرائيلية في المناطق المحتلة أمام المحكمة الجنائية الدولية للنظر فيها. فاتفاقية جنيف على سبيل المثال التي ترغب فلسطين الآن في الانضمام لها، ترفض السياسات الإسرائيلية في المناطق المحتلة، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة كما يقول أستاذ القانون الدولي هاينتسه: «ماذا سيحدث إذا حصلت فلسطين على صفة الدولة، هل سيتم التخلص من كافة المستوطنات، أم يمكن لها أن تبقى؟ هذه أمور يجب أن يتم توضيحها». مشيرًا إلى أن هذه المستوطنات بالفعل تعد مخالفة للقانون. وتمثل المحاولة الفلسطينية الانضمام لهذه المعاهدات تحديًا كبيرًا للسياسة الإسرائيلية الحالية، إذ يجب أن تتوقع إسرائيل إعلان المجتمع الدولي مخالفة السياسة الإسرائيلية لبنود معاهدة جنيف حال تم قبول الطلب الفلسطيني في هذا الشأن. يمثل الانضمام لهذه المنظمات والمعاهدات تحديًا للجانب الفلسطيني أيضًا، فهو يلزم السلطة الفلسطينية بعلاج بعض الأمور كحالات الاعتقال التعسفي في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي وردت في تقرير لمنظمة العفو الدولية. كما يلزم الانضمام للمعاهدات الجانب الفلسطيني بضمان حرية التعبير عن الرأي، وحرية التجمع، والتي تشير التقارير إلى تقييدها في الأراضي الفلسطينية. وفي هذا الصدد يرحب هاينتسه بانضمام الجانب الفلسطيني للمعاهدات الدولية؛ لأن هذا يلزمها بمعايير حقوق الإنسان.. وأضاف: «نرغب في تطبيق معايير دولية لحقوق الإنسان لذا يجب النظر للأمر بشكل إيجابي». المزيد من الصور :