لم يكن سقوط الطائرة الماليزية أو اختفاؤها مدعاة للخوف بقدر ما كان مدعاة أسى وحزن على أولئك الضحايا الذين لم يعرف لهم قبر، لكن الخوف بدأ يساور كل أهل الأرض من هواة الترحال على متن تلك النسور الطائرة بعد افتراضية الخبيرة الأمنية «سالي لينسلي» حول إمكانية خطف الطائرة باستخدام هاتف «جوال»، حيث أكدت بأن المعلومات المتوالية حول الطائرة تشير إلى إمكانية تعرضها للسيطرة على أنظمتها بطريقة خادعة عن بُعد، بعد اختراق نظام الحاسب الرئيس للطائرة أثناء طيرانها، مؤكدة أن هذا الأسلوب الفريد تم استعراضه في أحد المؤتمرات الأمنية التي أقيمت في الصين العام الماضي. وسواء صدقنا هذه الافتراضية أو لم نصدقها – رغم أنها جاءت على لسان خبيرة تدير شركة لتدريب مؤسسات وحكومات على مكافحة الإرهاب – فإن الأمر يستدعي الوقوف أمام هذه الافتراضية، فإن صدقنا، فمعنى ذلك أن ندير ظهورنا لكل ما يتعلق بالسفر عبر الفضاء، ليبعد عنا القريب، ونملأ الصحاري والمحيطات شعورًا منا بأنها أمن، ونعود لحقب كنا نظن أننا ودعناها إلى غير رجعة. الأمر لم يعد في هذه الحالة موضع «هزو» خاصة وأن هذا الأسلوب في خطف الطائرات قد تم استعراضه كما تقول الخبيرة الأمنية العام الماضي في الصين، وبمعنى آخر توصل الخبراء إلى فرضية وإمكانية حدوثه. ولذلك فإن على الشركات المصنعة للطائرات أن تتخذ احتياطاتها للحيلولة دون حدوث مثل هذا الاختراق للأجهزة الملاحية في الطائرات التي تصنعها، كما فعلت الشركة الأمريكية المصنعة للطائرة المقاتلة «ستيلث» المزودة بأجهزة تقنية متقدمة تحجبها عن الرادارات. لا نعرف ما يخبئه المستقبل أمام هذا التطور التقني الذي يشهده عالمنا هذا، وهو سلاح ذو حدين، يسعى أعداء الإنسانية والمنتمين للمنظمات الإرهابية استغلال الحد القاتل منه والمدمر، ولم نكن بحاجة إلى أن يظهر سلاح يتواجد في كل يد فتعبث فيه أيادي أولئك الذين صدت محاولاتهم الدواعي الأمنية في كل قطر مستهدف، يغيرون وجهات الطائرات إلى حيث يريدون بضغطة زر وهم على أسرتهم، فيصبح ويمسي العالم على أخبار الكوارث التي يتم تسجيلها على مجهول، وتحل بذلك الهواتف المحمولة بدلًا من السيارات المفخخة وخطف الطائرات التي يقوم بها الخارجون عن القانون، كل الأماني ألا ننقطع عن تجاوز الفضاء، وأن نتواصل مع العالم عبر أقصر الطرق، ورحلات سعيدة للجميع. [email protected]