حصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس السبت، من المجلس الاتحادي الروسي على الضوء الأخضر «للجوء إلى القوات المسلحة» الروسية في أوكرانيا، فيما تشهد المناطق التي يتحدر سكانها من روسيا في شبه جزيرة القرم ومناطق أخرى اضطرابات ذات طابع انفصالي. ووافق المجلس الاتحادي بالإجماع إثر اجتماع طارئ على الطلب بهذا الصدد الذي كان بوتين قدمه إليه قبل ساعات. فيما، أعلن مسؤولون روس أن نحو 143 ألف شخص غادروا أوكرانيا إلى روسيا منذ اندلاع الأحداث الاخيرة التي تشهدها الجمهورية السوفياتية السابقة. وجاء في بيان صادر عن المكتب الصحافي للكرملين «نتيجة الوضع الاستثنائي في أوكرانيا، والخطر المحدق بأرواح المواطنين الروس، مواطنينا، والقوات المسلحة الروسية المنتشرة في أوكرانيا»، طلب بوتين السماح ب»اللجوء إلى القوات المسلحة الروسية داخل الأراضي الأوكرانية حتى تطبيع الوضع السياسي في هذا البلد». وتتيح هذه الصياغة لروسيا استخدام قوات ترسلها من روسيا، أو استخدام قوات الأسطول الروسي في البحر الأسود الذي يتمركز في سيباستوبول في شبه جزيرة القرم ويصل عدد جنوده إلى نحو 20 ألفا. وبات بامكان بوتين تحريك القوات المسلحة الروسية ساعة يشاء. وأوضح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بسكوف بهذا الصدد «أن الرئيس هو الذي يتخذ القرار ولا يوجد قرار في الوقت الحاضر». وقبل ذلك أعلنت رئيسة المجلس الاتحادي الروسي فالنتينا ماتفيينكو «علينا أن نحمي مواطنينا»، مضيفًة «من الممكن بسبب الوضع إرسال قوة محدودة لضمان أمن أسطول البحر الأسود والمواطنين الروس الذين يعيشون في القرم». وكان رئيس الحكومة الجديد في جمهورية القرم سيرغي أكسيونوف طلب خلال النهار من الرئيس الروسي المساعدة «لإقرار السلام واستعادة الهدوء» في هذه المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي داخل أوكرانيا. وفي كييف تحركت السلطات الأوكرانية الجديدة للرد على هذه التطورات، ودعت مجلس الأمن القومي والدفاع إلى الاجتماع. كما دعا فيتالي كليتشكو أحد كبار المسؤولين الأوكرانيين البرلمان إلى إعلان «التعبئة العامة» بمواجهة ما وصفه ب»العدوان الروسي» على أوكرانيا. فيما أعلن المجلس الاتحادي الروسي أنه سيطلب من الرئيس بوتين استدعاء السفير الروسي من واشنطن. وقال نائب رئيس المجلس الاتحادي يوري فوروبييف إن الرئيس باراك أوباما تجاوز «خطًا أحمر» و»أذل الشعب الروسي» عندما أعلن الجمعة أن أي تدخل عسكري روسي في أوكرانيا سيكون له «ثمن». على الأرض، تعددت النقاط الساخنة في المناطق التي يتحدر سكانها من روسيا في شرق وجنوب أوكرانيا حسب ما أفاد مراسلو فرانس برس الذين شاهدوا العديد من المسلحين المنتشرين أمام مواقع استراتيجية، إضافة إلى تظاهرات حاشدة مناهضة للحكم الجديد في كييف. وأصيب نحو 100 شخص بجروح في خاركيف في شرق أوكرانيا خلال تظاهرة مؤيدة لروسيا انتهت بمهاجمة نحو 300 متظاهر مقر الإدارة الإقليمية، حيث كان يتحصن مؤيدون للحكم الجديد في كييف. وفي دونتسك معقل الرئيس المخلوع يانوكوفيتش في شرق أوكرانيا أعلنت السلطات أنها تنوي إجراء استفتاء حول وضع منطقة دونباس على غرار ما يتم الإعداد له لمنطقة شبه جزيرة القرم، ورفع علم روسي على مقر المجلس الإقليمي لهذه المنطقة. وكان أكثر من 10 آلاف شخص تظاهروا صباح السبت في هذه المدينة ضد سلطات كييف وشدد الخطباء على «تطلع شبه جزيرة القرم إلى الانضام إلى روسيا». واتهمت كييف روسيا بنشر آلاف الجنود الإضافيين في شبه جزيرة القرم. وقال وزير الدفاع الأوكراني إيغور تينيوخ إن «روسيا زادت عدد قواتها بنحو 6 آلاف جندي». وأضاف أن 30 عربة مدرعة روسية انتشرت أيضًُا في أوكرانيا، مندداَ بما سماه «خرقًا فاضحًا» للاتفاق الذي ينظم وجود الأسطول الروسي في سيباستوبول في شبه جزيرة القرم. وقال رئيس الحكومة الأوكرانية أرسيني ياتسينيوك إن «وجود عسكريين روس في القرم هو استفزاز»، إلا أنه أضاف أن «المحاولات لجر أوكرانيا إلى ردة فعل عبر استخدام القوة فشلت». واعتبر أن روسيا تحاول حالياً تكرار تجربتها في منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية في جورجيا عام 2008 عندما شنت هجومًا صاعقًا على القوات الجورجية ما أجبر جورجيا على الاعتراف باستقلال أوسيتيا الجنوبية. وبموجب الاتفاقية الموقعة بين البلدين التي تنظم وجود الأسطول الروسي في شبه جزيرة القرم، يحق لروسيا تحريك قواتها في هذه المنطقة شرط ابلاغ السلطات الأوكرانية بذلك قبل 72 ساعة، الأمر الذي لم يحصل هذه المرة حسب ما أعلن وزير الخارجية الأوكراني أندري دختشيتسا. وبات العديد من المواقع الاستراتيجية في شبه جزيرة القرم واقعًا تحت سيطرة مسلحين تجنبوا وضع أي اشارة تحدد هوياتهم. وباتوا يسيطرون على مطارات سيمفيروبول عاصمة شبه جزيرة القرم وسيباستوبول وكيروفسكي، إضافة إلى وسط سيمفيروبول ورفعوا العلم الروسي على العديد من المباني الرسمية. وفي سيباستوبول قامت مجموعة كوماندوز تتألف من نحو 300 عنصر بتكليف من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بمحاصرة المقر العام لحرس الحدود الأوكرانيين.