انتشرت خلال مرحلة النهضة الفكرية العربية الصالونات الأدبية في عدد من العواصم العربية مثل القاهرة وبغداد ودمشق وبيروت، وتحديدًا فإن مصر والشام كانت سباقة في هذا المجال واشتهرت وبرزت أسماء أدباء كبار وشخصيات ثقافية ارتبطت بتلك الصالونات التي كانت تجمع أرباب الفكر والأدب ممن أثروا الساحة بنتاجهم وأثروا في المجتمع بأفكارهم. وفي المملكة العربية السعودية نشأت الصالونات الثقافية مرتبطة بأسماء عدد من الموسرين والشخصيات المشهورة التي تفسح المجال لحضور المفكرين والمثقفين، كما كان عدد من أصحاب تلك الصالونات ممن تربطهم بالفكر والثقافة روابط قوية بل إنها فتحت المجال بين الأمكنة والأزمنة من خلال تسمية بعض الصالونات بأسماء مرتبطة بالزمن مثل أحدية المبارك، وإثنينية عبدالمقصود خوجة وخميسية حمد الجاسر وأسبوعية القحطاني وهكذا، وبعض هذه الصالونات استقطبت ضيوفها من المفكرين خارج السعودية، من العرب والعالم الإسلامي وأتاحت فرصة الاستماع إليهم والتحدث معهم ومحاورتهم ومهما يكن فإن الروح الحميمة والأجواء الطيبة التي تسود مجتمع الصالونات الأدبية تغري بالتواصل معها أكثر مما يكون في المؤسسات الثقافية ذات الطابع الرسمي، بل إن مطبوعات بعض تلك الصالونات حظيت بانتشار وتقدير بالغ من المثقفين في الوطن العربي بشكل لا مثيل له حتى لدى الجهات التي تسند مطبوعاتها إلى شركات تسعى إلى توزيعها في المحافل والمعارض الدولية ، وإن ما يطرح في الصالونات الأدبية من مسائل وقضايا لهو أهم بكثير من الموضوعات الاستهلاكية التي تشغل بها المؤسسات الرسمية والتي تخضع لموافقات جهات معينة الأمر الذي حال بينها وبين حرية المثقف في مناقشة ما يشغل المجتمع من قضايا وموضوعات، وهكذا فإن الفعل الثقافي لم يعد جاذبًا داخل المؤسسات الرسمية في حين أخذت بعض الصالونات أساليب جديدة في جذب الجمهور وتوصيل رسائلها المعرفية عبر وسائط التواصل الحديثة.