ثمَّن رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) محمد بن عبدالله الشريف، الدور الذي يقوم به منبر الجمعة، ودوره الفاعل في تقوية الوازع الديني، والأخلاقي لدى أفراد المجتمع، وحثهم على الالتزام بالنصوص الشرعية وبث روح التعاون بينهم لمكافحة الفساد، ونبذ المفسدين، والتقيد بالأنظمة التي تسنها الدولة، وتحذيرهم من مغبة الفساد، وما وعد الله به المفسدين من عقاب في الدنيا والآخرة. جاء ذلك تعقيبًا على خطبة الحرم المكي الشريف ليوم الجمعة 22 صفر التي ألقاها فضيلة خطيب الحرم المكي الشريف معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد بعنوان «الفساد.. آثاره وكيفية مكافحته» وما حملته الخطبة من معاني سامية للتعريف بالمسلم الصالح، في موقع المسؤوليَّة، الذي يكون الحارس الأمين لمُقدَّرات البلاد والعباد، يحفظُ الحقَّ، وينشُر العدل، ويُخلِصُ في العمل، ويُحافِظُ على مُكتسَبات الأمة، يأمرُ بالصلاح، وينهى عن الفساد. وأضاف الشريف أن ما جاء في خطبة فضيلة الشيخ ابن حميد يعد منهجا يجب أن يلتزم به كل مسؤول، لما أكدته الخطبة من خطر الفساد على المجتمع، والانحراف بسلوكياته، إذ (أن الفسادَ بكل أنواعه سلوكٌ مُنحرِفٌ في الأفراد وفي الفئات، يرتكِبُ صاحبُه مُخالفاتٍ من أجل أن يُحقِّقَ أطماعًا ماليَّةً غير شرعيَّة، أو مراتِبَ وظيفيَّة غيرَ مُستحقَّة، مما يُؤدِّي إلى الكسبِ الحرام، وإضعافِ كفاءة الأجهزة والمُؤسَّسات والمُنشآت. ما يحدثه الفساد من اضطرابٍ في الأولويات في برامج الدولة، ومشروعاتها، وتَبدُّدِ موارِدُها، واستنزاف مصادِرها. وما ينشأ لذلك من تدنِّى مُستوى الخدمات العامَّة، وتعثُّرِ المشرِوعات، وسُوءِ التنفيذ، وضعْفِ الإنتاجيَّة، وهدْرِ مصالحُ الناس، وضعْفِ الاهتِمامِ بالعمل وقيمة الوقت، واضطرابِ تطبيقِ الأنظمة وعدالةِ المعايير). كما أكد الشريف ما ذكره الشيخ ابن حميد في خطبته من أنه (لا بُدَّ من مُحاربة الفساد ومُكافحته، والتِزام الصلاح والإصلاح والنزاهة والشفافية، وذلك هو المِفتاحُ القائدُ -بإذن الله- لأسباب الخير والفلاح، والتوفيق والصلاح، والأمن والطمأنينة، وانتشار العدالة، ومُحاربةُ الفساد ليست وظيفةً لجهةٍ مُعيَّنةٍ أو فِئةٍ خاصَّةٍ؛ بل هي مسؤوليَّةُ الجميع ديانةً وأمانةً وخُلُقًا ومسؤوليَّة، والنزاهةُ والعدالةُ في الإصلاح تحفَظُ هيبةَ الدول وكرامتَها وتُؤكِّدُ التلاحُم بينَها وبين مُواطِنيها، وتغرِسُ الثِّقةَ في الأجهزة والأنظمة. النزاهةُ تُعطِي قيادات الدول دفعًا أكبر في مُحاربة الفساد في جميع صُوره وأشكاله؛ إداريًّا وماليًّا وأخلاقيًّا). وشدد على أهمية الإعلام (ودورُه الفعَّال في نشر الوعيِ الصحيحِ، والمعلومات والحقائق، في تثبُّتٍ وتحرٍّ وحِياديَّةٍ ووقارٍ، وعدم التسرُّع في توجيه الاتهام للأفراد أو الجِهات، مع الثَّناء على ما يستحقُّ الثَّناء، والإشادة بالصالحين والشُّرفاء، وأصحاب الأداء الحسن والإيجابيَّة في العمل) كما أشار إلى ذلك فضيلة الشيخ ابن حميد في خطبته. ومن جهة أخرى أثنى رئيس (نزاهة) على ما جاء في خطبة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، يوم الجمعة الموافق 22 صفر الحالي، التي حذر فيها سماحته المسؤولين من التكسب بالمنصب، وأن تحريم اكتساب المال بغير حقه جاء صريحًا في الشريعة السمحاء، وأنه يحرم على المسؤول أن يتخذ مسؤوليته مطية للتحايل على أكل المال بغير حق؛ كالسرقة والنهب وأخذ الرشوة وقبول الهدايا، وأكد سماحته، ضرورة المحافظة على الأموال العامة والبعد عن الحرام والمال المكتسب من طريق غير مشروع، وأهمية التزام المسؤولين بالعدل في كل الأحوال بين الموظفين، ووجوب إسناد الأعمال إلى من يقدرون عليها، حتى لا يكون في غير ذلك خيانة الأمانة. واختتم الشريف بيانه بأن هذا التزامن الذي جاء بين الخطبتين هو دليل على استشعار العلماء لخطر الفساد، والانحراف بالوظيفة العامة لدى البعض، مؤكدًا ضرورة التمعن فيما جاء.