علاقة السلطة بالإعلام هي علاقة حساسة حتى في أكثر الدول ديموقراطية. وما حدث مع الصحافة في بريطانيا أخيراً وانتهى بصدور تقرير ليفسون الذي دعا فيه إلى إنشاء هيئة مستقلة لمراقبة الصحافة لمنع تكرار التجاوزات التي حدثت خلال فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية التي ارتكبتها صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» News of the World، المملوكة لقطب الاعلام روبرت موردوخ ضد عدد من المواطنين البريطانيين والشخصيات المعروفة ،يوضح كيف وصلت الأمور التي تعدت التحقيق مع الصحيفة ومالكها ولكن على وسائل الإعلام في بريطانيا. لقد وضع تقرير ليفسون مستقبل الصحافة أمام خيار صعب حين جعل الرقابة على الصحافة خياراً لوضع ضوابط عليها، وفتح الباب أمام تفسيرات متعددة حول علاقة الصحافة بالحكومة من جهة، وحرية الصحافة في تناول قضايا يدور النقاش حولها، أو تمس أشخاصاً مما يضر بتلك القضايا والأشخاص. *** وإذا كان هذا يحدث في أحد أعرق الديموقراطيات الغربية، فإن مصر تشهد اليوم، من بين المشاكل والقضايا الكثيرة، أزمة بين حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي اليه الرئيس محمد مرسي وبين الإعلام والصحافة التي يتهم كتّابها الليبراليون جماعة الإخوان المسلمين التي خرج من رحمها الحزب، بالسعي الى الهيمنة على الصحف ووسائل الاعلام المملوكة للدولة. حيث تحمل بعض التيارات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة (الحاكم)، على وسائل الإعلام المصرية وتتهمها بالانحياز ضد الرئاسة المصرية، وإشاعة البلبلة حول إنجازات الرئاسة المصرية بعد الثورة. *** وهكذا وبعد خمسة أشهر من ولاية الرئيس المصري محمد مرسي تثار مخاوف واسعة النطاق بخصوص حرية الإعلام وسط اتهامات لجماعة الإخوان المسلمين بالسعي إلى قمع أي انتقادات لها. وقد استقال عدد من الإعلاميين والمسئولين في التلفزيون المصري احتجاجاً على تغطية الأحداث في الشارع المصري، وتدخل وزير الإعلام في كثير من البرامج وفرض ضيوف ومنع ضيوف آخرين من تلك البرامج، أو فرض آراء معينة على مقدمي البرامج. وكان رئيس التلفزيون المصري عصام الأمير آخر من تقدم باستقالته رسميًا لوزير الإعلام "احتجاجًا على الطريقة التي تدار بها البلاد بعد الاشتباكات الدامية التي جرت الأربعاء الماضي بين معارضين للرئيس ومؤيدين له من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في محيط قصر الاتحادية. ويشعر كثير من المصريين بالقلق من الإعلام بعد الثورة التي أطاحت بمبارك ويقولون إنه يسيء فهم الحرية. ويطالب كثير من المنتقدين بآلية لتنفيذ ميثاق شرف بدلا من اتخاذ إجراء جنائي ضد الصحافيين. * نافذة صغيرة: [[أن رغبة الإخوان في الهيمنة على الإعلام عموماً، والصحافة بوجه خاص، هو أمر لم يعُد محل شكّ، وإنما تؤكِّده أفعالها وتصرّفاتها وإجراءاتها .. (وأن) هناك أدِلّة واضحة على عداء الإخوان للحريات عموماً، وحرية الإعلام بصفة خاصة.]] الكاتب الصحفي جمال فهمي، وكيل أول نقابة الصحفيين [email protected]