توقفت حركة الإضراب عن الطعام الذي ينفذه معتقلون أكراد في سائر أنحاء تركيا أمس الأحد، بعد نشر رسالة من الزعيم الكردي المسجون عبدالله أوجلان إلى أنصاره يدعوهم فيها إلى إنهاء احتجاجهم المستمر منذ 68 يومًا. وقال دنيز كايا ممثل المعتقلين المضربين لوكالة الأنباء الكردية «فرات نيوز» من السجن: «نأخذ بالاعتبار دعوة أوجلان وننهي تحركنا اعتبارًا من 18 نوفمبر». وقد أعلن بيانه المكتوب شقيقه محمد بعد لقائه في اليوم نفسه في السجن، ناقلاً أمنيات الزعيم الكردي. وقال أوجلان -بحسب هذه الوثيقة-: «إن حركة الإضراب عن الطعام معبرة جدًا. فقد بلغ هذا التحرك هدفه. أريد أن ينهوا تحركهم بلا تأخير وبلا أي تردد». ومنذ 12 سبتمبر الماضي بدأت مجموعة من ستين معتقلاً إضرابًا عن الطعام ثم تبعها أكثر من 700 مقتل كردي في عشرات السجون التركية من أجل إنهاء عزلة أوجلان وتحسين مصير الأقلية الكردية خصوصًا الاعتراف بلغتهم. وهذه الحركة التي كان من الممكن أن تؤدي إلى وفاة بعض المضربين خصوصًا من المجموعة الأولى برأي عدد من الأطباء، تضع الحكومة برئاسة رجب طيب أردوغان في حالة من الارتباك كما من شأنها أن تؤجج التوتر في جنوب شرق تركيا المأهول بغالبية كردية. وعبدالله أوجلان مسجون في جزيرة أيمرالي في بحر مرمرة (شمال غرب) منذ توقيفه في 1999. ويحمل حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة وأمريكا والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، تركيا مسؤولية عن مقتل أكثر من 45 ألف شخص منذ حمل السلاح قبل نحو 30 عامًا من أجل الحصول على الحكم الذاتي للأكراد في تركيا. وقد أعلن حزب السلام والديموقراطية (المؤيد للأكراد) دعمه للدعوة إلى وقف الإضراب عن الطعام التي أطلقها عبدالله أوجلان. وصرحت غولتن كيساناك التي تشارك في الرئاسة الثنائية لهذا الحزب المؤيد للأكراد في تركيا لوكالة أنباء الأناضول: «إن المضربين أوقفوا حركتهم منذ هذا الصباح (أمس). وأن بعضهم سينقل إلى المستشفى». وقامت حكومة حزب «العدالة والتنمية» ببادرة الثلاثاء في مسعى لوقف حركة الاحتجاج هذه من خلال طرح مشروع قانون يجيز للأكراد الدفاع عن أنفسهم بلغتهم الأم أمام المحاكم. وسيجري التصويت على مشروع القانون الأسبوع الجاري في البرلمان حيث يتمتع حزب «العدالة والتنمية» بالغالبية. ويجيز مشروع القانون لأي معتقل كردي «استخدام لغة أخرى (غير التركية) إذا رغب في ذلك للدفاع عن نفسه في وجه إتهامات تساق ضده في المحاكم». لكن القرار اعتبر بالبداية غير الكافية من قبل الناشطين من أجل القضية الكردية الذين يطالبون أولا بإنهاء العزلة المفروضة على أوجلان المسجون منذ 1999 تنفيذًا للحكم عليه بعقوبة السجن مدى الحياة. والطريقة التي توقفت بها حركة الإضراب تكشف أيضًا موقع قوة أوجلان الذي يبقى بالرغم من سجنه عاملاً لا يمكن تجاوزه في النزاع الكردي في تركيا. وقد استخدم أردوغان طيلة حركة الإضراب لغة الحزم ورفض الانصياع لما سماه «مسرحية» المضربين عن الطعام. وقال خصوصًا: «إن حكومتنا لن ترضخ للابتزاز»، مهددًا بإطعام الناشطين الذين وصلوا إلى أقصى درجات الإعياء بالقوة. واستمرار حركة الإضراب سينعكس وقعها سلبيًا جدًا على سمعة تركيا في الخارج. ومنذ تسلمها السلطة في 2002 منحت حكومة «العدالة والتنمية» مزيدًا من الحقوق الثقافية واللغوية للأكراد. وتأتي حركة الاحتجاج في السجون، الأولى التي تواجهها، في وقت تكثفت فيه المعارك بين الجيش وحزب العمال الكردستاني في جنوب شرق البلاد.