حجروا عقولهم حين أخفوا ميولهم

دَائماً أسألُ نَفسي: لمَاذا لا يُصرِّح الكَاتِب بميولهِ الرِّياضيّة.. ولمَاذا يَضع حُبّه لنَاديه عَلى الصَّامِت..؟!
سأذكُر قصّة للتَّاريخ.. (عِندَما تَم الاجتيَاح العِرَاقي للكويت في عَام 1990م، طُلِبَ مِن الشَّاعر "نزار قباني" أن يَقول رَأيه في هذَا الاجتيَاح.. ومِن المَعروف أنَّ جَماهيريّة "نزار" تَنتشر بشَكلٍ كَبير بَين الكويت والعرَاق.. حِينها شَعر "نزار" أنَّه لَو قَال رَأيه؛ سيُحرم جُزءاً مِن جمهوره.. لذا طَلَبَ مَبلغاً ضَخماً مِن المَال ليَقول رَأيه.. ويَكون هَذا المَال تَعويضاً عَن فُقدَان بَعض الجَماهير؛ التي ستَكْرَه "نزار" لَو قَال برأي عَكْس الذي تَهْوَى)..!
لا يهمّني مَاذا تَم بَعد ذَلك في قضيّة "نزار" والاجتيَاح، وإنَّما مَا يَهم هو أنَّ هَذه القصّة تَشرح بشَكلٍ وَاضح، لمَاذا بَعض الكُتّاب يُخفون ميولهم الرِّياضيّة..؟!
إنَّني حقًّا، أُشفق عَلى ذَلك الكَاتِب الذي يَحرم نَفسه مُتعة التغنِّي بفَريقه، حتَّى وإن خَسر شَيئاً بَسيطاً مِن جمهوره –هَذا إن خَسر- لَو عَرفوا أنَّ هَذا الكَاتِب يُشجِّع فَريقاً غَير الذي يُشجِّعون..!
حقًّا، إنَّني أُشفق عَليه، فهو كَاتبٌ بلا لون.. لأنَّه يَعيش كَما يُريد النَّاس، ويَضع حُبّه لنَاديه عَلى الصَّامِت، بَينما كَان يَجب عَليه أن يَضعه -على الأقل- في وَضع "الهزَّاز"؛ طَالما أنَّ الاهتزَازَات تُلقي بظِلالها في كُلِّ جَانب..!
لقد قَالوا قَديماً: (كُل مَا يُعجِبَك، والبس مَا يُعجِب النَّاس)، وأنَا أعترض وأقول: (كُل مَا يُعجِبَك، والبس مَا يُعجِبَك، واكتب عَن الفَريق الذي يُعجِبك، مِن غَيرِ تَعصُّب.. ولا تَخَف –أيُّها الكَاتِب- مِن الجمهور، فهو جمهورٌ ذَكيٌ ومُنصف، فإن أُعجب بكِتَابَاتك؛ وخَالَفك في التَّشجيع فلَن يَظلِمُكَ، بَل ستَسمع مرَاراً مَقولةً؛ مِثل التي تُوجَّه لِي ليلاً ونهَاراً، حَيثُ يَقول لِي أحدهم حين يُخالفني في التشجيع: (يا عرفج كُلّ شيء فيك حلو إلَّا اتحاديّتك).. ومَا عَلِمُوا –والله- أنَّ الحَلَاوة كُلّها تَأتي مِن حُب الاتّحاد)..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَجب عَلى الكَاتِب أن يَكون شُجاعاً وصَادقاً مَع نَفسه، فلا يَكتم حُبّه ويَدفن شعوره، ويَخفي ميوله، فَقط مِن أجل أن يَكسب حِفنَة أو "بَشْكَة" مِن القُرَّاء.. بَل عَليه أن يَقول مَا يَشعر بِه..!
يا لبُؤس الكَاتِب عِندَما يَكسب النَّاس ويَخسر نَفسه، حِينَما لا يُصرِّح أو لا يَتشرَّف بالتَّصريح بالحُبِّ والميول الذي يَجتاح نَفْسَه ونَفَسَه..!!!
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com