إن أعظم ما ينبغي أن يعتني به المسلمون تخطيطًا وتنظيمًا وممارسةً هو الدعوة إلى الله والتعريف بالدين الإسلامي؛ لأنه الدين الحق لقوله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، وكذلك التعريف بعظمة الخالق وإعجازه سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله المطهرة ونشرها وتعريف الآخرين من الغربيين وغيرهم بدين الله ودعوتهم لهذا الدين العظيم؛ لذلك أقامت المملكة مراكز إسلامية في أنحاء المعمورة للدعوة إلى الله والتعريف بالإسلام وسماحته ومن هذه المراكز «المركز الإسلامي» بالأرجنتين، الذي يعد صرحًا إسلاميًا كبيرًا على مستوى أمريكا اللاتينية. وللتعريف بهذا المركز وجهوده كان لنا هذا اللقاء مع مدير المركز الشيخ ناصر بن محمد المقبل: متى أنشئ المركز وكيف؟. - فكرة إنشاء المركز قديمة ترجع إلى أواخر السبعينيات عندما قررت المملكة العربية السعودية فتح سفارة لها في عاصمة الأرجنتين، وبرزت فكرة تشييد المركز الإسلامي حقيقة بعد زيارة الرئيس الأرجنتيني السابق كارلوس منعم للمملكة حيث عبر لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله رغبته في منح قطعة أرض لتشييد مركز ثقافي إسلامي عليها، وأبدى خادم الحرمين الشريفين شكره وتقديره لفخامة رئيس الجمهورية، ووعد رحمه الله بتمويل المشروع على نفقته الخاصة، وفي يوم الاثنين 27 جمادى الآخرة 1421ه الموافق 25 سبتمبر 2000م قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ؛ الذي كان وليًا للعهد آنذاك نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله وبحضور رئيس الجمهورية الأرجنتينية فرناندو دي لاروا بافتتاح مركز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الثقافي الإسلامي في الأرجنتين وإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية في حفل رسمي كبير أقيم بهذه المناسبة وحضره حشد من كبار المسؤولين في الحكومة الأرجنتينية بجهازيها التنفيذي والتشريعي، وأعضاء السلك الدبلوماسي. ما دواعي إنشاء هذا المركز؟. - لقد حرصت المملكة على النظر في حاجة الأقليات الإسلامية المتفرقة في العالم، ورأت أن من هذه الأقليات الجالية الإسلامية في الأرجنتين وحاجتهم إلى مركز ثقافي إسلامي ومسجد على المستوى اللائق يؤمه المسلمون لأداء شعائرهم وممارسة أنشطتهم الثقافية والاجتماعية فأقيم هذا الصرح الشامخ الذي يمثل أكبر مركز إسلامي في أمريكا اللاتينية. مم يتكون المركز؟. -أقيم مركز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الثقافي الإسلامي في عاصمة الأرجنتين في أحد أرقى الأحياء في المدينة وهو حي باليرمو. ومساحة المركز حوالى 36000م2، خصص جزء منها للبناء والباقي زيّن بالمسطحات الخضراء، وبلغت تكلفة إنشائه اثنين وعشرين مليون دولار أمريكي، ويتكون المركز من مسجد كبير تعلوه منارتان جميلتان، ويتسع لأكثر من 1500 مصل، وفي الدور الثاني جناح خاص بالنساء يتسع لحوالى 500 مصلية، وبهوٍ كبيرٍ، كما زيّن مدخل المسجد بنافورة كبيرة، وكذلك مكتبة عامة تتسع لأكثر من 10,000 كتاب ومرجع، بالإضافة إلى قاعة للمحاضرات تستقبل أكثر من 500 شخص مخصصة لتنظيم المعارض والمحاضرات والمؤتمرات، ومكاتب إدارة المركز.. أيضًا هناك القسم التربوي ويشمل مدرستين، كل مدرسة من ستة عشر فصلًا دراسيًا بالإضافة إلى مرحلة خاصة بالروضة، ومطعم بجميع تجهيزاته المتطورة لإعداد وجبات الطعام للطلاب، وقاعة كبيرة تتسع لأكثر من 120 شخصًا، ومواقف للسيارات مجهزة تحت الأرض تتسع لحوالى 100 سيارة، ومعامل علمية للدارسين.. وينظم المركز برنامج الزيارات والذي يستقبل فيه عامة الزوار والسياح بشكل مفتوح خلال أيام السبت والثلاثاء والخميس.. إضافة إلى الزيارات الخاصة من منسوبي المؤسسات التعليمية والجامعات والمراكز الثقافية وغيرها من الجهات الأخرى طيلة أيام الأسبوع، ويصل عدد الزوار إلى مائتي زائر أسبوعيًا. كما يوجد برنامج زيارة الجامعات الأرجنتينية ويعتمد هذا البرنامج على الطلبات الواردة من هذه الجامعات وتختلف آلية المشاركة من جامعة إلى أخرى إما بإلقاء المحاضرات أو المشاركة في ندواتهم ومؤتمراتهم وغيرها من الأنشطة، ويهدف هذا البرنامج إلى ربط المركز بالمؤسسات التعليمية والأكاديمية والتمهيد لعقد اتفاقيات في المستقبل القريب والتعرف على المهتمين بالثقافة الإسلامية والعربية وربط الطبقة المثقفة بالمركز. كما يستقبل المركز الزوار من جميع البلدان، وكثير من الزوار هم من خارج الأرجنتين، بل إن مكاتب السياحة تعتبر مركز الملك فهد من أهم المعالم السياحية في العاصمة بوينس آيرس. ما أبرز البرامج التي أقامها المركز؟. - يتميز المركز بالإقبال المتزايد من كل أطياف المجتمع الأرجنتيني وخصوصًا طلاب الجامعات والأكاديميين والطبقة المتعلمة والمثقفة الذين يرون في البرامج والأنشطة الثقافية منطلقًا لهم نحو التعاون مع المركز، بالإضافة إلى كون المركز مسؤولًا عن خدمة الإسلام والمسلمين وتوعيتهم ونشر اللغة العربية للراغبين في تعلمها، والتعريف بالثقافة العربية والإسلامية، والمساهمة والتشجيع في جميع النشاطات التي تهدف إلى فهم الدين الإسلامي بالشكل الصحيح، والعديد من الأنشطة والبرامج الاجتماعية والتعليمية والترفيهية والإغاثية التي يقوم بها المركز والتي تزيد مع مرور الوقت حسب الخطة الموضوعة، ومن هذه الأنشطة التي قام بها المركز المشاركة في إقامة مؤتمرات كان آخرها مؤتمر سبل النهوض بالجاليات الإسلامية في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، الذي أقيم في شهر ربيع الآخر من هذا العام 1433ه، وقد كان المشرف العام على المؤتمر فضيلة وكيل الوزارة للشؤون الإسلامية الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله العمار. ولهذه المؤتمرات فوائد كثيرة حيث جمع بين الشخصيات المتخصصة والعاملة في الميدان الدعوي والتعليمي في وسط الأقليات الإسلامية في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، كذلك جمع المؤسسات الإسلامية والتي لها دور فاعل في دعم ومساندة المشروعات الإسلامية بجميع أنواعها، ومن المتوقع أن يكون لهذا المؤتمر أثر جليّ في تعزيز قنوات التواصل بين الجمعيات الإسلامية والرقي بها إلى مستويات أعلى على جميع المستويات، ومن ذلك تطوير أساليب الدعوة، وتحقيق أمنيات كثيرٍ من الجاليات الإسلامية في إنشاء دور تعليمية ومدارس إسلامية ومحاضن تربوية، والاهتمام باحتياجات الجاليات الاجتماعية لتحقيق حياة إسلامية تستطيع أن تتعايش في مثل هذه البلاد، وتحافظ على كيانها وهويتها الإسلامية، وتقوى على مواجهة التحديات العصرية بشتى وسائلها، وتتجاوز العقبات التي يشتكي منها القائمون على العمل الإسلامي من حيث قلة الموارد لتحقيق المشروعات الدعوية والتعليمية أو من حيث التواصل العلمي بين الدعاة والأساليب المختلفة التي يمكن استغلالها. هل هناك برامج أخرى يقدمها المركز؟. - المشاركة في معرض الكتاب الدولي في بوينس آيرس، ويعتبر من أكبر المعارض في أمريكا اللاتينية، وقد حاز المركز على جائزة أفضل جناح خلال مشاركته في عام 2009م، ويتم خلال هذه المشاركة توزيع العديد من المطبوعات وعرض صور وفيديو ومجسمات للحرمين الشريفين وعن المملكة العربية السعودية وإلقاء بعض المحاضرات على هامش المشاركة، كذلك إقامة المحاضرات الثقافية ربع السنوية في قاعة المحاضرات بالمركز، ويتم دعوة محاضرين من الأرجنتين وخارجها للمشاركة فيها، كذلك إقامة ندوة علمية خلال السنة تقوم بطرح أحد المواضيع المهمة ومناقشتها من قبل أشخاص مهتمين وتقام فعالياتها في المركز. من برامجنا أيضًا: يوم الترفيه العائلي وهو برنامج مفتوح لكل أطياف الشعب الأرجنتيني من الجالية الإسلامية وغير الإسلامية، ويقوم المركز خلاله بتقديم العديد من الأنشطة الثقافية للصغار والكبار، وتقديم بعض الوجبات الخفيفة، ويهدف البرنامج إلى ربط العائلات ببعضها في المركز، بالإضافة إلى برنامج اللقاء الشهري لعائلات الجالية الإسلامية فقط وذلك في أول سبت من كل شهر، ويحتوي على ألعاب رياضية وبرامج ترفيهية ومسابقات ثقافية ووجبة عشاء، وله العديد من الأهداف منها ربط هذه العائلات بالمركز وبث روح الأخوة والمحبة بينها، وبرنامج تعليم اللغة العربية للكبار، ويحتوي على دروس في الفقه والعقيدة وبرنامج سلة الخير وهو برنامج إغاثي وإنساني لتوزيع الاحتياجات العينية للمحتاجين كل شهر.