أحسن أخي الدكتور خالد با طرفي صنعا بإقناع الصديق الجداوي الأرومشي (كمال عبد القادر) بأن حسنات مسلسل عمر (رضي الله عنه) تفوق سلبياته، وأن الجدل الذي دار حول (حرمانية) مشاهدة المسلسل لم يكن مؤيدا إلاّ بأقاويل مكرورة لم تفلح في ثني ملايين المشاهدين ممن تابعوه، بل واستمتعوا به. من الناحية الفنية كان العمل جميلا مؤثرا قويا... ذلكم هو انطباع نسبة كبيرة ممن تابعوه، ولو لم يكن كذلك لتركوه. وأما بالنسبة للحوادث والمقولات والمشاهد والحوارات، فقد يصيب بعضها وقد يخطىء، وليست كل النصوص مقدسة لا تخلو من أكثر من رواية أو اجتهاد. ويشير أخي خالد إلى الوجبة الدسمة التي فاض بها المسلسل الأنيق، إذ أعاد للجيل الشبابي شيئا مما غاب عنه من (تراثه العدلي والشوري والحقوقي والقيمي، الحافل والحفي بالحرية والكرامة ومكارم الأخلاق). ويضيف: (هذه الاحتفالية الكبيرة أيقظته ووعته وزادت فطنته إلى حقوقه وواجباته في الاسلام، وفندت له كثيرا من الأكاذيب والإدعاءات التي غلبنا بها بعض أصحاب الشهوة، ومزوري التاريخ وأدعياء العلم الشرعي). هذا العمل الدرامي الكبير جمع لنا التاريخ والإنسان والمكان والأحداث في ملحمة واحدة، ثم نثر عليها من القيم والمعاني والمفاهيم والأخلاق، لتجتمع في مشهد معبر ناطق يبلغ بتأثيره ما تعجز عنه ألوف المواعظ والمحاضرات والقصص المكتوبة بقلم بارد وأسلوب تقليدي بائس. ولئن كانت العبرة بالنهايات، لا بجدل الكلمات الرنانة والمواقف المتحيزة سلفا، فإن مسلسل عمر (من وجهة نظري) أثبت أنه كان من الفائزين، هذا إذا كان للأثر والتأثير على المشاهد معيار في مدى النجاح والإخفاق، أو الرفض والقبول. لم يكن مسلسل عمر مجرد متعة حسية تستهلك الوقت، وإنما كان متعة إنسانية ووجدانية تمس جوانب عميقة من حياة المسلم تحديدا، ذلك المسلم الذي يفتخر بتراثه القديم لا من مواقع الهزيمة والانتصار، بل من ساحات القيم والمعاني.. لأنه يدرك أن كل الفضائل التي ينظّر لها كثيرون دون تطبيق، هي قابلة فعلا للتطبيق، وأن الفاروق عمر جسّدها نموذجا يمشي بين الناس.. يحكم بينهم ويعطف عليهم ولا يملك من حطام الدنيا أكثر مما يملكه أوسطهم. [email protected]