لم تعد مظاهر التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لدول المنطقة تخفى على أحد، وهو تدخل أصبحت تتسع دوائره وتزداد وطأته بشكل مطرد، وحيث امتد إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجية والعراق ولبنان ليشمل بلدانًا عربية أخرى مثل الأردن والمغرب واليمن، بل إنه تجاوز هذا النطاق ووصل إلى القرن الإفريقي بما أصبح يشكل تهديدًا مباشرًا على أمن واستقرار المنطقة بأسرها، خاصة في ظل مضي طهران قدمًا في تطوير برنامجها النووي في ظل انشغال العالم بتطورات الأحداث في سوريا. وما أعلنته أجهزة الأمن اليمنية مؤخرًا عن إلقاء القبض على شبكة تجسس إيرانية، إلا أحد مظاهر هذا التدخل السافر. ما يلفت النظر في الإعلان إشارته إلى أن تلك الشبكة كانت تعمل منذ سنوات في البلاد، وتقوم بهمام التجسس ليس في اليمن وحسب، إنما أيضًا في دول أخرى واقعة بالقرن الأفريقي، وأن تلك الشبكة يديرها قيادي سابق في الحرس الثوري الإيراني ، مع ملاحظة أن تلك العملية جاءت في وقت تزداد فيه الاتهامات إلى إيران بالتدخل في الشؤون الأمنية والسياسية لعدة دول بالمنطقة. معلوم أنها ليست المرة الأولى التي توجه فيها أصابع الاتهام لإيران في تدخلها في شؤون اليمن الداخلية ومحاولة زعزعة أمنه واستقراره، فقد سبق وأن قدمت الدعم للجماعات المطالبة بالانفصال في الجنوب، كما قدمت السلاح والمال للمجموعات الحوثية الشيعية التي خاضت ستة حروب ضد القوات المركزية في محافظة صعدة، إلى جانب محاولتها إفشال المبادرة الخليجية، وهو ما يدعو إلى التساؤل: لماذا تسعى طهران إلى زرع بذور الفتنة والقلاقل في دول مجلس التعاون الخليجية.. وتصر على الاستمرار في التدخل في شؤونها، في الوقت الذي تواصل لعب دورها التآمري في العراق الساعي إلى تعطيل وحدته الوطنية وعرقلة مسيرته التنموية وتكريس الانقسام والخلاف في صفوف الشعب العراقي، وأيضًا في الوقت الذي ترسل فيه حرسها الثوري إلى سوريا ولبنان، لغايات لم تعد تخفى على أحد. لا يوجد تفسير للتدخل الإيراني في اليمن سوى أنه يهدف إلى توتير الوضع عند الحدود الجنوبية للمملكة، إلى جانب محاولة الحصول على موطئ قدم عند مضيق باب المندب.