من المضحكات المبكيات أن من يرأس الطغمة الباغية في سورية المسمى بالأسد، صرح إبان تشكيله لحكومة زائفة جديدة، بأن هذه الحكومة هي حكومة حرب، ولم يلبث أن أكد بعد ذلك بأيام أن (بلاده) في حالة حرب حقيقية، أقول: إن ذلك من المضحكات المبكيات، لأنّ من يسمى بالأسد لم يقل مرة في عهده، كما لم يقل أبوه من قبل إن حكومته في حالة حرب من أي نوع مع إسرائيل، وهو اليوم لا يستحيي من أن يصرح بأنه في حالة حرب مع شعب سورية، وهذه الحرب شُنت منذ ما يقارب عامًا ونصف العام، وما نراه كل يوم على الفضائيات ليس إلا مظاهر واضحة لحرب حقيقية تُستخدم فيها الطائرات المقاتلة والمروحيات والمدفعية بل والصواريخ والراجمات، ناهيك بالدبابات والمجنزرات التي دخلت المدن السورية الآهلة بالسكان منذ اليوم الأول لقيام الثورة السورية الباسلة، ولم تخرج منها حتى الآن رغم ظهور المبادرات الواحدة تلو الأخرى، المبادرات السياسية السلمية مع حكم مجرم متعطش للدماء. نعم أعلن المسمى بالأسد الحرب، ولكن على مَنْ؟ الآراء في ذلك كثيرة منها أنها الحرب على الثوار والمعارضين، ومنها أن الحرب أُعلنت ضد المنشقين ومن الناس من يرى أنها ضد غير البعثيين وكل ذلك غير دقيق وغير صحيح فالحرب التي أعلنها من يسمى بالأسد هي ضد السنة، وليس ضد أي فئة من الفئات الأخرى التي صورها البعض. وقد أصبحت حربًا بين السنة وغير السنة، بمعنى أن هناك تكتلًا اليوم بين مجموعة من الطوائف من الأقليات ومنهم النصيريون الذين لا تتجاوز نسبتهم 3% من السكان وهذا التكتل يسعى جاهدًا إلى تصفية أهل السنة في سورية دون غيرهم، حتى لو كانوا من البعثيين، وروى أحد الإخوة السوريين أن معتقلًا سنيًا كان يُعذّب، وقبل أن يُقتل قال لأحد جنود البغي:»لمَ تعذبونني أو تقتلونني؟ أنا بعثي» وحاول أن يُخرج بطاقته التي تثبت حزبيته، فردّ عليه أحد الجنود العلويين المجرمين:»وشو يعني؟ عبدالحليم خدام كان بعثيًا أيضًا» وداس على رقبته بحذائه. وتلك إشارة واضحة إلى أن المعيار لم يعد أن يكون السوريّ بعثيًا أو غير بعثي، بل المعيار أن يكون سنيًا أو غير سنيّ. لذلك أقدم جلاد سورية على تسليح جميع القرى العلوية النصيرية دون غيرها كي تنقضّ على السنة في أي ساعة قد تكون ساعة الصفر لتجهز على أكبر عدد منهم، فالخوف هو من السنة، ومن أن تقوم دولة سنية في سورية بعد حكم علوي دام خمسين سنة. وقد صرح وزير الخارجية الروسي بتلك المخاوف صراحة حين قال لافروف:»إن روسيا لن تسمح بقيام دولة سنية في سوريا». وأكد أكثر من مرة أن التغيير إن كان من حكومة علوية إلى حكومة علوية أخرى فإن روسيا ستوافق عليه، هكذا بصراحة وصفاقة تامة. لذا فإن المبادرات تلو المبادرات ترمي إلى إعطاء رئيس سورية العلوي أكبر فرصة ممكنة للتخلص من أكبر عدد من أهل السنة شبابهم وشيابهم خاصة ونسائهم وأطفالهم وشيوخهم، بغرض كسر شوكتهم قدر المستطاع، حينها فقط تسمح القوى الكبرى بحرق ورقة من يُسمى بالأسد، وإبداله بحاكم آخر من أي طائفة، يتولى حكم دولة منهكة مثخنة بالجراح، مضرجة بالدماء، سينشغل أهلها لعشرات السنين في أخذ الثارات وتصفية الحسابات وعليه لا تقوم لسورية قائمة ولا بعد عشرات السنين وتبقى إسرائيل في مأمن، كما كانت في مأمن طوال فترة الحكم العلوي. ومن هذا الباب أطلق «عنان» لمن يسمى بالأسد «العنان» للمضي في قتل أهل السنة لعام آخر خلال مؤتمر جنيف بمباركة أمريكا وروسيا وسواهما من أصحاب الحسابات الخاصة في سورية. بقي أن نحذر إخوتنا في تركيا من الانجراف إلى المستنقع السوري، فهذا ما تريده القوى نفسها لإنهاك قوى دولة سنية قوية، ومن عجب أن يأسف من يُسمى بالأسد مؤخرًا عن إسقاط الطائرة التركية، ويقول: إن الطائرات الإسرائيلية اخترقت المجال الجوي السوري مرات عديدة، فذلك اعتراف بأنّ حكومته لا تجرؤ على مجرد رصد الطائرات الإسرائيلية ومرة أخرى فإن حربه المعلنة ليست إلا على أهل السنة من شعب سورية ومن الخطأ أن نقول:على شعبه، لأنّ شعبه هم العلويون دون غيرهم، ويصدق عليه قول الشاعر: أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامةٌ فتخاء تجفل من صفير الصافرِ! [email protected]