قبل اثني عشر يوما من اندلاع ثورة 25 يناير في مصر أكد تقرير مؤسسة "فريدوم هاوس" غير الحكومية الأمريكية، الذي نُشر يوم الخميس 13 يناير 2011، أن الحريات تراجعت في العالم للسنة الخامسة على التوالي عام 2010 وهذا يُمثِّل أطول فترة من التراجع المستمر من أجل الحرية العالمية في التاريخ خلال ما رصدته المنظمة لما يقرب من 40 عامًا من التقرير. وأشارت إلى أن 25 دولة من بينها مصر قد شهدت تراجعًا ملحوظا في الديمقراطية دون وجود جهود حقيقية من جانب دول العالم الديمقراطي لإصلاح هذا الوضع، وجاء في تقرير "فريدوم هاوس" أن "أنظمة سلطوية كتلك الموجودة في الصين ومصر وإيران وروسيا وفنزويلا زادت من التدابير القمعية من دون مقاومة تذكر من جانب العالم الديمقراطي". *** وتصنف المنظمة غير الحكومية البلدان ضمن ثلاث فئات هي "حرة" و"حرة جزئيا" و"غير حرة" استنادًا إلى القدرة على ممارسة الحقوق السياسية والمدنية وأيضا إلى الأمن الذي يتمتع به السكان، وقد بلغ عدد البلدان المصنفة "حرة" لعام 2010 من جانب منظمة "فريدوم هاوس" 87 من أصل 194 بلدًا شملتها الدراسة، أي أقل ببلدين عن العام السابق وتمثل هذه الدول 43% من سكان العالم وهذا ما جعل "ديفيد كريمر"، مدير "فريدوم هاوس" الذي كان مساعدًا لوزيرة الخارجية الأمريكية في شؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان في إدارة الرئيس السابق جورج بوش، يقول ان التقرير يمثل "إنذارًا لكل ديمقراطيات العالم". *** وأبلغ آرش بادينغتون، مدير الأبحاث في "فريدوم هاوس" الصحفيين أن استنتاجات "فريدوم هاوس" تندرج في إطار عام "اتسم بنكسة ملحوظة للحرية العالمية" مشيرا إلى أنه لأول مرة خلال 15 عاما أشار المسح الذي قامت به المؤسسة إلى عامين متتاليين من تراجع الحرية العالمية وأظهرت 10 دول فقط تحسنًا في وضع الحرية مقابل 38، أي خمس مجموع بلدان العالم، حيث شهدت الحرية فيها تراجعًا، وإلى جانب الدور السلبي الذي تلعبه النظم الديكتاتورية عزا بادينغتون التراجع في الحريات إلى قضايا مثل الفساد ودوره المُخرِّب في تآكل الإيمان بالحرية وكذلك مشاكل تتعلق بإرساء سيادة القانون. *** وهكذا وقف العالم العربي في تباين صارخ مع بقية العالم، وقف في مؤخرة الركب عن دول العالم الأخرى في كل مجال - إلا في هدر كرامة شعوبه وقمع الحريات، لذا فقد كان مشروع الإصلاح العربي الذي قدمته المملكة للجامعة العربية عام 2005، وحمل تحذيرات مُسبقة من تردي الأوضاع العربية ووصولها إلي نقطة اللا عودة، هو طوق النجاة الذي ألقته السعودية مبكرًا للأنظمة العربية للخروج من المأزق الذي تعيش فيه أغلب تلك الأنظمة.. وهو ما سنبحثه في المقال القادم إن شاء الله. نافذة صغيرة: (الإصلاح هو عملية مستمرة تقوم بها المجتمعات كأمر طبيعي يعتبر من المهام الرئيسة لحكومات الدول تقوم بها وفقًا لمسؤولياتها في تولي شؤون البلاد نيابة عن الشعب الذي خولها السلطة، لذا فإنه ينبغي أن يتم وفق رؤية صادقة وخطة هادفة لتغيير أحوال الأمة والشعب وتطوير حياة الجماعة والفرد وتجديد إحساس المسؤول حيال المواطن).. الصويغ - كتاب (الزلزال العربي). [email protected]